اعلان ادنسس 1 مكرر 2

اخر الاخبار

اعلان ادنسس 1

احدث الموضوعات

أحدث الموضـــوعات

موسوعة احكام المحكمة الادارية العليا فى اكتساب الجنسية المصرية وكل ما يتعلق بها


بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكى فرغلى وأحمد إبراهيم عبد العزيز وفريد نزيه تناغو نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 15/5/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد / وزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2118 لسنة 32 قضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 18/3/1986 فى الدعوى رقم 2414 لسنة 36 قضائية المقامة من السيد / محمد حسن محمد الشاعر والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. 
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فى الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات. 
وقدم السيد الأستاذ المستشار / ………………… تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى مسببا فى الطعن وقد انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه بشقيه العاجل والموضوعى وإلزام الطاعن المصروفات. 
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/11/1989 والجلسات التالية حسبما هو مبين بمحاضر جلساتها، وحضر محامى هيئة قضايا الدولة ومحامى المطعون ضده وقدم كل منهما مذكرة بدفاعه وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 21/9/1991 واستمعت إلى مرافعة الطرفين وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 15/12/1991 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا 
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية . 
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أن المدعى أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 24/3/1982 والتى طلب فى ختامها الحكم باعتباره متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات، وقال المدعى شرحا لدعواه أنه ولد بتاريخ 3/8/1920 بناحية الشيخ زويد برفح سيناء محافظة العريش لأبوين مصريين هما حسن محمد الشاعر ومريم محمد الشاعر، وظل يقيم بناحية الشيخ زويد منذ ولادته بلا انقطاع وعمل بالتجارة وحصل على سجل تجارى برقم 1000 صادر من مكتب السجل التجارى بمحافظة سيناء بتاريخ 23/8/1956 وسارى المفعول كما حصل على البطاقة العائلية برقم 2118 من مكتب سجل مدنى الشيخ زويد بتاريخ 27/10/1964 وحصل قبلها على بطاقات إثبات شخصية صادرة من الجهات الرسمية المصرية كما كان عضوا بهيئة التحرير منذ عام 1950 ومقيداً بجداول الانتخاب المصرية ويمارس حقوقه الانتخابية بصفته مواطنا مصريا منذ عام 1949 كما حصل على جواز سفر من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية برقم 34130 بتاريخ 15/9/1979 وأضاف أنه مصرى الجنسية من سلال مصرية مقيمة بالأراضى المصرية منذ عام 1800 وما قبلها وكان والده يعمل بالتجارة، كما يشهد بذلك مشايخ وأعيان رفح سيناء وكما يدل عليه ملف الأسرة الموجود بوزارة الداخلية ومحافظة سيناء ومن ثم انتهى المدعى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة . 
وقدم المدعى تأييدا لدعواه حافظتى مستندات طويت على شهادة ميلاده وشهادة قيده بجداول الانتخابات وبطاقة إثبات شخصية وصورة من بطاقته العائلية وصورة من سجله التجارى وصورة من جواز سفره وشهادة من مصلحة وثائق السفر والهجرة تفيد بأنه مصرى الجنسية تبعا لوالده، ومستندات أخرى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة نائبة عن وزارة الداخلية مذكرة طلبت فيه، رفض الدعوى واستندت فيها إلى أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى، فى شأن تمسكه بالجنسية المصرية طبقا للقانون، أما المستندات التى قدمها فهى لا تكفى لثبوت تمتعه بالجنسية المصرية إذ لم يثبت توطنه بمصر هو أو والده اعتبارا من عام 1904 حتى عام 1929 طبقا لقوانين الجنسية المتعاقبة، كما قدمت هيئة قضايا الدولة حافظتى مستندات طويت على رد وزارة الداخلية ومحاضر انعقاد اللجنة الاستشارية لبحث جنسية أهالى سيناء والملف رقم 23/38/2585.
وبجلسة 18/3/1986 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعى وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن المستفاد من نصوص التشريعات التى نظمت أحكام الجنسية المصرية أن المشرع تطلب لثبوت الجنسية توافر ثلاثة شروط مجتمعة الشرط الأول: التوطن فى مصر قبل أول يناير 1948 أو قبل يناير 1900 أو قبل الخامس من نوفمبر 1904 على حسب الأحوال، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع، والشرط الثانى: المحافظة على الإقامة فى مصر حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الواجب التطبيق، والشرط الثالث: عدم انتماء الشخص لدولة أجنبية وأضافت المحكمة أن المدعى قدم حافظة مستندات اشتملت على شهادة ميلاده بمصر وشهادة من مشايخ وأعيان رفح سيناء بأنه مصرى الجنسية وشهادة قيده بجداول الانتخابات المصرية وبطاقة إثبات الشخصية الخاصة به وصورة من بطاقته العائلية وصورة من شهادة الغرفة التجارية بمزاولة التجارة وصورة من السجل التجارى وخطابا من مصلحة وثائق السفر والهجرة إلى محافظة شمال سيناء بتاريخ 14/11/1983 يفيد أن المدعى مصرى الجنسية تبعا لوالده المصرى المقيد تحت رقم 23/38/2585. 
وأضافت المحكمة أنه بالاطلاع على الملف رقم 23/38/2585 الخاص بـ / حسن محمد الشاعر واِلد المدعى تبين أن اللجنة المشكلة لبحث جنسية أهالى سيناء عام 1956 انتهت فى تقريرها المرفق صورته بالملف إلى أنه يعتبر مصريا كل من الأشخاص الوارد أسماؤهم بالبند أولا من قرار اللجنة وضمنهم حسن محمد الشاعر وأضافت محكمة القضاء الإدارى فى حكمها أن جهة الإدارة لم تجحد صحة المستندات التى تقدم بها المدعى وإنما أشارت فى ردها على الدعوى إلى أن جنسية والد المدعى أعيد النظر فيها بمناسبة بحث جنسية المدعى بمعرفة لجنة أخرى عام 1964 ونظراً لأنه قد تبين لهذه اللجنة الأخيرة الخطأ الذى شاب القرار عام 1956 فقد أصدرت قرارها فى 20/12/1964 بعدم اعتبار المدعى متمتعا بالجنسية المصرية لعدم تمتع والده بها. 
واستطردت المحكمة أن ما انتهت إليه جهة الإدارة فى ردها يتناقض مع ما أثبتته اللجنة المشكلة عام 1956 من ثبوت الجنسية المصرية لوالد المدعى وتأيد ذلك بالكتاب الصادر من مصلحة وثائق السفر والهجرة إلى محافظة شمال سيناء بتاريخ 14/11/1983 والذى يفيد بأن المدعى مصرى الجنسية تبعا لوالده المصرى المقيد ملفه برقم 23/38/2585، كما لم تبين جهة الإدارة الخطأ الذى شاب قرار اللجنة المذكورة وأضافت أنه تبين للمحكمة من جماع ما تقدم من وقائع ومستندات أن الشروط اللازمة لاكتساب الجنسية المصرية وفقا لأحكام قوانين الجنسية قد توافرت فى حق المدعى مما يتعين معه الحكم بإثبات الجنسية المصرية له، ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإدارى إلى القضاء بحكمها السالف.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك أنه طبقا لقوانين الجنسية المصرية فإنه يشترط ثبوت الإقامة المستمرة فى البلاد خلال المدة من 1914 حتى 1929 طبقا للقانون رقم 19 لسنة 1929، إلا أن شرف الإقامة المستمرة فى البلاد غير متوافر من جانب والد المطعون ضده الذى لا يعد متمتعا بالجنسية المصرية وتبعا لذلك لا يعد أيضا ابنه المطعون ضده المولود بتاريخ 3/8/1920 حسبما ذكر متمتعا بهذه الجنسية وذلك ما أكدته اللجنة المشكلة عام 1964 والتى صوبت الخطأ الذى وقعت فيه اللجنة السابقة المشكلة عام 1956، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف ذلك فإنه يكون خليقا بالإلغاء، ومن ثم انتهت الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة الذكر . 
ومن حيث إن المادة ( 6 ) من الدستور تنص على أن الجنسية المصرية ينظمها القانون وبامتداد الحلول العامة التى قصرها المشرع الدستورى على المصريين سواء حق تولى المناصب والوظائف العامة أو مباشرة حق الانتخاب أو الترشيح لمجلسى الشعب والشورى أو بتحمل مسئولية وشرف التجنيد دفاعا عن مصر وللدستور بما تضمنه القوانين تنفيذ المبادئ التى قررها يبين أن صفة المصرى من بين المراكز الأساسية التى تضمنها الدستور والقانون وفقا لما أرساه من أسس جوهرية للنظام العام الدستورى والقانون المصرى.
ومن حيث إنه قد بدأ التنظيم القانونى للجنسية المصرية منذ سنة 1929 بالمرسوم بقانون الصادر فى 26/5/1926 بعد أن أصبح لمصر الحق فى تنظيم جنسيتها نتيجة لاستقلالها عن الدولة العثمانية واستمر العمل به حتى صدر المرسوم بقانون رقم لسنة 1926 المنظم للجنسية المصرية، ثم تلاه القانون رقم 160 لسنة 1950 الذى بقى نافذا حتى صدور القانون رقم 391/1956 وبعد الوحدة مع سوريا صدر القانون رقم 82 لسنة 1958 وتلاه بعد الانفصال القانون 26/1975.
ومن حيث إن القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ينص فى المادة الأولى على أن "المصريون هم :-
أولاً: المتوطنون فى مصر قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم حتى تاريخ العمل بهذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة . 
ثانياً: من كان فى 22 فبراير سنة 1958 متمتعا بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية . 
ثالثاً: من كسب جنسية الجمهورية العربية المتحدة طبقا لأحكام القانون رقم (82) لسنة 1958بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة . 
وينص هذا القانون فى المادة الثانية على أن "يكون مصريا : - (1) من وُلد لأب مصرى.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية كانت تنص على أن المصريين هم أولا : المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نظر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة متى كانت لديهم نية التوطن . 
ثانيا : من ذكروا فى المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية. 
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 كانت تنص على أن يعتبر مصريا 1 - ........................ 
2 - المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1948 أو كانوا محافظين على إقامتهم العادية حتى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية. 
3 - الرعايا العثمانيون المولودون فى الأراضى المصرية من أبوين مقيمين فيها إذا كانوا قد حافظوا على إقامتهم العادية فيها حتى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكونوا جنسية أجنبية.
4 - الرعايا العثمانيون المولودون فى الأراضى المصرية والمقيمون فيها الذين قبلوا المعاملة بقانون الخدمة العسكرية سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدل ولم يدخلوا فى جنسية أجنبية متى حافظوا على إقامتهم العادية فى مصر إلى 10 مارس 1929.
5 - الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواء كانوا بالغين أو قصر.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 المعمول به من 10 من مارس 1929 تنص على أنه يعتبر داخلا بالجنسية المصرية بحكم القانون أولاً : …………………………….. 
ثانيا : كل من يعتبر فى تاريخ العمل بهذا القانون مصريا بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالى الصادر فى 29 من يونيو سنة 1900 وقد نصت المادة الأولى من الأمر العالى المشار إليه على أن المصريين هم ( أولا ) المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على محل إقامتهم فيه . 
ثانيا : رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى من أبوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورون على محل إقامتهم فيه (وثالثاً) رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذين يقبلون المعاملة بموجب قانون القرعة العسكرية المصرى سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية ( رابعا) الأطفال المولودون بالقطر المصرى من أبوين مجهولين. 
ومن حيث إنه قد استقرت الأحكام والدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 حتى دستور 1971 والقوانين المنظمة للجنسية المصرية حتى القانون النافذ رقم 29 لسنة 1975 على أن الجنسية المصرية مركز قانونى يتحقق فى المواطن المصرى بواقع ميلاده أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقا للشروط وللمدد التى حددها القانون وهى فى حالة التجنس مركز يستمده الفرد من القانون وليس ثمة تقدير لأحد أو ليس فى اسباغ صفة المصرى على من تتوفر فيه الشروط التى استلزمها المشرع للتمتع بشرف هذه الصفة بمجرد توفر الشروط التى تضمنها القانون لذلك ولا تملك الجهة الإدارية المختصة تقديرا فى اسباغ صفة المصرية على شخص أو حرمانه من هذه الصفة على خلاف حكم القانون وما حتمه فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه فى عام 1956 شكلت لجنة إدارية برئاسة عضو من مجلس الدولة وعضوية أحد كبار الضباط بإدارة التفتيش العام بوزارة الداخلية وآَخرين وذلك للبحث فى مدى ثبوت الجنسية المصرية لبعض أهالى سيناء من عدمه، وقد انتقلت هذه اللجنة إلى العريش ورفح وعقدت اجتماعاتها بحضور وكيل محافظة سيناء، ومأمور قسم سيناء الشمالى ومعاون مباحث المحافظة وقامت اللجنة بالاستماع إلى معلوماتهم وملاحظاتهم فى هذا الشأن، كما اطلعت اللجنة على ملف الموضوع المحفوظ بالمحافظة، كما قامت اللجنة أيضاً بمعاينة مساكن الأهالى المذكورين وأراضيهم، وانتهت اللجنة فى تقريرها المؤرخ 14/3/1956 إلى ثبوت الجنسية المصرية للأشخاص المذكورين فى محضرها وضمنهم السيد/ حسن محمد الشاعر (والد المطعون ضده) تحت رقم مسلسل (15 ) ملف رقم 23/38/2585، كما استبعدت اللجنة ثبوت هذه الجنسية لآخرين ذكرتهم فى محضرها، كما رأت بالنسبة لاخرين عدم كفاية المعلومات الواردة منهم وطلبت تحريات المباحث عن كل واحد منهم بشأن تاريخ ومحل ميلاده ومحل إقامته وعمله هو ووالده وجده فى المدة من عام 1914 حتى 1929 ومدى تمتع كل منهم بالجنسية الفلسطينية. ( حافظة مستندات وزارة الداخلية) .
ومن حيث إن الثابت من الأعمال والإجراءات والأبحاث التى قامت بها هذه اللجنة أن ما استندت وانتهت إليه من ثبوت الجنسية المصرية لعدد من الأهالى المذكورين وبرفض ثبوتها للطائفة الثانية منهم وباستيفاء الأبحاث للطائفة الثالثة منهم كان بناء على ما استظهرته، مما قدم إليها مات مستندات وأجرته من تحريات وبيانات من أن إقامة كل منهم مع والده فى الفترة من عام 1914 متى عام 1929 ومن ثم جاء ما انتهت إليه فى هذا الشأن بالنسبة لثبوت الجنسية المصرية لوالد المطعون ضده باعتباره من الطائفة الأولى المشار إليها والتى تثبت لدى اللجنة إقامة أفرادها بمصر فى الفترة المشار إليها والتى أوجب القانون تحققها فيمن تثبت له الجنسية المصرية عن طريق إقامة الأصول طبقا للبند أولا من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 بشأن الجنسية المصرية وما تلاه من أحكام مماثلة وفى قوانين الجنسية المتعاقبة حتى البند أولا من المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 سالف الذكر المشار إليه على أن المصريين هم ( أولا ) المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على محل إقامتهم فيه.
ثانيا: رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى من ابوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورون على محل إقامتهم فيه (ثالثا) رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذين يقبلون المعاملة بموجب قانون الخدمة العسكرية سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية (رابعاً) الأطفال المولودون بالقطر المصرى من أبوين مجهولين.
ومن حيث إن إقامة والد المطعون ضده بمصر اعتبارا من عام 1914 تعد ثابتة على النحو السالف البيان بناء على البحث الجدى والمستقصى الذى قامت به اللجنة السالفة واثبتته بمحاضرها عام 1956 ومن ثم فإن الجنسية المصرية تعد ثابتة فى حقه طبقا للقانون رقم 160 لسنة 1950 السارى فى هذا الوقت والذى كان ينصفه إذ قد توافرت فى والد المطعون ضده واقعة الإقامة والتوطن فى مصر على النحو السالف وهى الواقعة القانونية التى يشترطها القانون لتمتعه بالجنسية المصرية، وهى التى عقدت اللجنة المشار إليها لاستظهارها وأثبتتها فى تقريرها عام 1956 مما فحصته من مستندات وتحققت منه فى السجلات وما أجرته من مقابلات ومعاينات على النحو الوارد فى محاضر أعمالها وعليه فإنه يعتبر مصريا إعمالا لنصوص القانون السالفة.
ومن حيث إنه ما دام أن الجنسية المصرية تعد ثابتة لوالد المطعون ضده على النحو السالف فإن الأخير يعد مصريا طبقا للقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية المعمول به حاليا وذلك باعتباره قد توافرت فيه الشروط الواردة فى المادتين الأولى والثانية منه، بعد أن ثبت فى حقه التوطن فى مصر قبل 5 من نوفمبر 1914 وبصفة مستمرة حتى الآن ولأن إقامة والده تعد مكملا لإقامته طبقا لما أوردته المادة الأولى من هذا القانون وبحكم ولادته لأب مصرى طبقا للمادة الثانية من هذا القانون.
ومن حيث إن القرائن التى حوتها مستندات المطعون ضده وإن كانت بمفردها غير كافية قانونا لإثبات الجنسية باعتبار أن الجنسية مركز قانونى مستمد من القانون ويتصل بسيادة الدولة ولا يكفى لتوافره مجرد توافر بعض القرائن أو المظاهر التى تحيط عادة بالمتمتعين بها وإنما يتعين توافر الشروط والوقائع القانونية التى تطلبها القانون فى هذا الشأن، إلا إنه وقد توافرت الوقائع القانونية المتطلبة فى والد المطعون ضده لثبوت الجنسية المصرية له ومن بعده ابنه المطعون ضده، فإن الوقائع والمظاهر التى حوتها مستندات الأخير أكدت أيضا ما أثبتته اللجنة المنعقدة عام 1956 فى تقريرها، إذ يبين من هذه الأدلة والمستندات استمرار توطن المطعون ضده فى مصر مكملا توطن والده فيها، وارتباط إقامته وعمله ومصدر رزقه بها، وذلك بإقامته المستمرة بالبلاد وقيده بالسجل التجارى بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء وممارسته لحقه الانتخابى بالعريش بعد قيده بجداول الانتخابات بها، وحصوله على بطاقة عائلية من مكتب السجل المدنى بالناحية، ثم حصوله على جواز سفر من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية، بل وإقرار هذه المصلحة فى كتبها إلى محافظة شمال سيناء عام 1983 بأن المطعون ضده مصرى تبعاً لجنسية والده المصرى المقيد تحت رقم 23/38/2585 وهو ذات رقم الملف الذى أشارت إليه اللجنة المنعقدة عام 1956 فى تقريرها، الأمر الذى يؤكد فى مجموعه توافر الشروط المتطلبة قانونا لثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضده، بعد أن ثبتت هذه الجنسية لوالده أيضا.
ومن حيث إنه لا يقدح فى ذلك ما أشارت إليه الجهة الإدارية الطاعنة سواء فى ردها على الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى أو فى تقرير طعنها أمام هده المحكمة من أن اللجنة الثانية المشكلة عام 1964 انتهت إلى عدم ثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضده أو والده وهى بذلك قد صححت قرار اللجنة الأولى المنعقدة عام 1956 بعد أن تبين لها الخطأ الذى شاب قرار هذه اللجنة إذ يرد على هذا بأنه وإن كان من صحيح حكم القانون إنه مادام لم تتوافر الشروط اللازمة قانونا للتمتع بالجنسية المصرية على النحو الذى حدده المشرع الدستورى والعادى فإنه لا تثبت الجنسية المصرية لأحد حتى لو انقضت على التصرف الإدارى الذى يتضمن ذلك على خلاف القانون فترة الطعن أمام القضاء الإدارى لعدم تحصن هذا التصرف الذى لا يعد قانونا منشئاً لهذا المركز القانونى على أى وجه حيث ينشأ من القانون ذاته وحيث إنه لما كان الثابت من محاضر اللجنة الثانية المنعقدة فى عام 1964 أنها لم تطلع على ملف والد المطعون ضده سالف الذكر، كما لم تشر إلى قرار اللجنة الأولى أو تفنده أو تفند الأسباب التي قام عليها، وإنما جاء محضرها خاليا من ذلك وبالتالى فإن قرارها لم يثبت قيامه على سند مستخلص استخلاصاً معقولا من واقع الحال الخاص بالمطعون ضده أو حالة والده ولا شك أنه مما يجافى المنطق الصحيح ويتعارض مع الحق والحقيقة القول بأنها صححت أو تبينت خطأ اللجنة السابقة عليها، لأنها لم تطلع وتفحص الملفات السابقة وما انتهت إليه الأبحاث واللجان السالفة عليها وتفندها إن رأت بالدليل الواقعى والسليم ما يخالفها، ومادام أن الثابت أن تقرير اللجنة المنعقدة عام 1964 قد جاء مبتسراً ولا سند يقوم عليه ولا يطمئن إليه فى هذا الشأن فإنه لا ينال من جديد الأبحاث والتحقيقات والمعاينات التى أجرتها اللجنة الأولى المنعقدة عام 1956 والتى ظاهرتها الدلائل والمستندات السالفة والتى تنطق كلها بأحقية المطعون ضده فى ما يتمسك به من ثبوت الجنسية المصرية تبعا لثبوتها لوالده على النحو السالف وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيحا وسليما فى منطوقه . 
ومن حيث إنه تبين مما سلف بيانه من أسباب أن الطعن الماثل لا يستند إلى أساس صحيح من القانون أو الواقع ومن ثم فإنه يكون خليقا بالرفض موضوعا .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.


بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / د. فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة

* الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 4/11/ 2000 أودع الأستاذ / لبيب أحمد عطاره المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن السيد / رفعت على بهرام الرميسى تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الشق العاجل من الدعوى رقم 215 لسنة 23 القضائية بجلسة 2/11/2000، الذى قضى منطوقه "بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، و ألزمت المدعى المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هينة مفوضى الدولة، لتقديم تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها." وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن، إحالته إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لتقضى بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم باستبعاد المطعون ضده الخامس د. محمد أحمد محمد صالح (فئات - مستقل ) من كشوف المرشحين لإعادة انتخابات مجلس الشعب لعام 2000 عن الدائرة الخامسة ومقرها مركز شرطة طلخا. وفى الموضوع بإحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان طبقا للمادة (286) من قانون المرافعات.
وقد قيد هذا الطعن برقم 1946 لسنة 47 القضائية عليا.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من قبول ترشيح المطعون ضده (السيد / محمد أحمد محمد صالح) لعضوية مجلس الشعب مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/11/2000 حيث قررت إصدار حكمها بجلسة 7/11/2000، وفيها قررت المحكمة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لأسباب سجلتها فى (رول الجلسة) حاصلها أنه سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بعدم أحقية مزدوج الجنسية فى الترشيح لانتخابات عضوية مجلس الشعب، إذ يشترط أن يكون المرشح صاحب جنسية وحيدة وهى الجنسية المصرية بحيث إذا جمع بينها وبين جنسية أجنبية، فقد الحق فى الترشيح، وهذا الشرط هو شرط صلاحية للاستمرار فى عضوية المجلس، وأنه إذ كان السيد / محمد أحمد محمد صالح يحمل الجنسية الألمانية بجانب جنسيته المصرية، فمن ثم يتعين استبعاده من كشوف المرشحين لانتخابات مجلس الشعب لافتقاده شرطا من شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب لجمعه بين الجنسيتين المذكورتين وقت تقدمه بأوراق ترشيحه ووقت صدور القرار المطعون فيه، وأن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا المذهب وبالمخالفة لأحكام المحكمة الإدارية العليا الصادرة فى هذا الشأن. وأمرت المحكمة (دائرة فحص الطعون) بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 12/11/ 2000، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بمحضر جلستها.
وكان الأستاذ / لبيب أحمد عطارة المحامى بصفته وكيلا عن السيد / محمود على على الخطيب قد أودع تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الشق العاجل من الدعوى رقم 214 لسنه 23 القضائية بجلسة 2/11/2000 الذى قضى منطوقه "بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتقديم تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها." وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن، إحالته إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لتقضى بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم باستبعاد المطعون ضده الخامس (د. محمد أحمد محمد صالح ) (فئات - مستقل ) من كشوف المرشحين لإعادة انتخابات مجلس الشعب لعام 2000 عن الدائرة الخامسة ومقرها مركز شرطة طلخا. وفى الموضوع بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان طبقا للمادة (286) من قانون المرافعات. 
وقد قيد هذا الطعن برقم 1947 لسنة 47 القضائية عليا .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من قبول ترشيح المطعون ضده (السيد/ محمد أحمد محمد صالح) لعضوية مجلس الشعب مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/11/2000 حيث قررت إصدار حكمها بجلسة 7/11/2000 وفيها قررت المحكمة وكف تنفيذ الحكم المطعون فيه لأسباب سجلتها فى رول الجلسة على ذات النهج ما كانت قد سجلته من أسباب فى (رول الجلسة) الخاص بالطعن رقم 1946 لسنة 47 القضائية سالف البيان، وأمرت بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 12/11/2000، وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بمحضر جلستها. وبجلسة 19/11/2000 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 1947 لسنة 47 القضائية إلى الطعن رقم 1946 لسنة 47 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 3/12/2000، مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، حيث تقدم خلال هذا الأجل محامو الخصوم بمذكراتهم. وبجلسة 3/12/2000 قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 10/11/2000، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به 

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - على ما تبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعنين - فى أنه بتاريخ 1/11/2000 أقام المدعى السيد/ رفعت على بهرام الرميسى الدعوى رقم 215 لسنة 23 القضائية، كما أقام المدعى السيد / محمود على على الخطيب الدعوى رقم 214 لسنه 23 القضائية بعريضتين أودعتا قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ضد المطعون ضدهم طالبين الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من رئيس اللجنة العامة بالدائرة الانتخابية الخامسة بمحافظة الدقهلية ومقرها مركز شرطة طلخا فيما تضمنه من إعادة الانتخابات بالنسبة للمدعى عليه الأول محمد أحمد محمد صالح لعضوية مجلس الشعب والحكم باستبعاده من كشوف المرشحين لإعادة الانتخابات يوم السبت الموافق 4/11/2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام المدعى عليه الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعيان شرحا للدعويين: إنهما تقدما للترشيح لانتخابات مجلس الشعب عام 2000 عن دائرة طلخا ومقرها مركز شرطة طلخا، وأجريت الانتخابات بتاريخ 29/10/2000 وأسفرت عن تقرير الإعادة بين أربعة من المرشحين منهم المدعى عليه الأول السيد /محمد أحمد محمد صالح الذى يتجنس بالجنسية الألمانية، وهو بذلك يفتقد لشرط أساسى من شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، باعتبار أن تجنسه بالجنسية الأجنبية من شأنه عدم أحقيته فى أداء الخدمة العسكرية، وبالتالى - ومن باب أولى - لا يحق له الترشيح لعضوية مجلس الشعب وذلك حفاظا على أسرار وأمن الدولة.
وبجلسة 2/11/2000 قضت المحكمة فى كلتا الدعويين "بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها". وشيدت المحكمة قضاءها فى الدعويين على أساس أن حقيقة ما يهدف إليه كل من المدعيين هو الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من الجهة الإدارية المدعى عليها بقبول ترشيح المدعى عليه الأول لعضوية مجلس الشعب لازدواج جنسيته، وما يترب على ذلك من آثار، أخصها استبعاده من كشوف المرشحين لانتخابات الإعادة المحدد لها يوم 4/11/ 2000، وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه. وأوردت المحكمة بحكميها أن المستفاد من نص المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب، أن المشرع حدد الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب، ومنها ضرورة أن يكون المتقدم للترشيح مصرى الجنسية من أب مصرى، ويترتب على افتقاد هذا الشرط عدم جواز قبول الترشيح، وأما من يتوافر فى شأنه هذا الشرط بالإضافة إلى باقى الشروط المحددة بنص المادة الخامسة من القانون المشار إليه، فإنه يكون من حقه الترشيح لعضوية مجلس الشعب، ويتعين قبول الطلب المقدم منه فى هذا الشأن. ولا لنال من ذلك الحق المقرر له فى الترشيح أن يكون قد اكتسب جنسية أخرف بالإضافة إلى جنسيته المصرية، طالما إنه مازال محتفظا بها ولم يتم إسقاطها عنه طبقا للقواعد المقررة قانونا، لأن اكتسابه جنسية أخرى ليس من شأنه بذاته إسقاط الجنسية المصرية عنه، مما يفقده - لو تحقق - أحد الشروط الأساسية الواجب توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب. والقول بعكس ذلك من شأنه إضافة شرط جديد إلى شروط الترشيح لم يتضمنه النص. وأنه من الواجب التقيد بالأحكام المقررة فى التشريع دون الإضافة إليها أو التعديل فيها، وهو ما يتفق وحكم المادة (1) من قانون الهجرة ورعاية المصريين بالخارج الصادر بالقانون رقم 111 لسنه 1983 والتى قررت الاحتفاظ للمتجنس بجميع حقوقه الدستورية والقانونية التى كاف يتمتع بها قبل التجنس طالما احتفظ له بجنسيته المصرية.
ومن حيث إن مبنى الطعنين فى الحكمين المطعون فيهما هو الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وتفسيره، وذلك على سند من أن المطعون ضده تجنس بالجنسية الألمانية مما يفقده الحق فى الترشيح لعضوية مجلس الشعب حتى ولو كان محتفظا بالجنسية المصرية، وأن الثابت من الأوراق ومن المستندات المقدمة والشهادة المستخرجة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية إدارة الهجرة والجنسية قسم الجنسية ملف رقم 23/56/20706، أنه بتاريخ 17/10/1998 أذن للسيد / محمد أحمد محمد صالح من مواليد الدقهلية فى يوم 29/5/1958 وهو مصرى الجنسية بالتجنس بالجنسية الألمانية بالقرار الوزارى رقم 9429 لسنة 1998. فانه ولئن اعتبر محتفظا بالجنسية المصرية ويعامل بوصفه مزدوج الجنسية بناء على طلب الاحتفاظ بجنسيته المصرية المقدم منه طبقا للمادة (10) من قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنه 1975، إلا أن نص المادة (90) من الدستور تلزم عضو مجلس الشعب بأداء القسم أمام المجلس بالمحافظة على سلامة الوطن ورعاية مصالح الشعب، وإنه لا يمكن أن يكون الولاء للوطن شركة مع وطن غيره أو شعب خلاف شعب مصر، كما أن مفاد أحكام الدستور لا يمكن تفسيرها على أنها تجيز أن ينوب عن الشعب ويعبر عن إرادته وينبض بنبضه ويشعر بآلامه إلا من كان خالص المصرية، وأن المطعون ضده الخامس يكون قد افتقد بذلك شرطا دستوريا لازما لقبول أوراق ترشيحه لمجلس الشعب.
ومن حيث إنه إذ كان الدستور - بما نص عليه فى المادة (68) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى -قد أكد، على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، على أن هذا الحق فى أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعا عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجل حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها؛ إذ ينبغى دوما أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها، ومجلس الدولة هو، بنص المادة (172) من الدستور، قاضى القانون العام فى المنازعات الإدارية، ما فتئ قائما عليها باسطا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها. (حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 7 لسنة 20 القضائية تنازع الصادر بجلسة 6/5/2000، وحكمها فى القضية رقم 224 لسنة 19 القضائية دستورية الصادر بجلسة 9/9/2000). وإذا كان نص المادة (93) من الدستور يجرى على أن يختص مجلس الشعب بالفصل فى صحة عضوية أعضائه بعد تحقيق تجريه محكمة النقض فى هذا الخصوص فإن هذا الاختصاص لا يستنزف اختصاص مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المتعلقة بالإجراءات السابقة على العملية الانتخابية بالمعنى الفنى الدقيق، والتى تقوم على أساس من إرادة الناخبين، أخذاً بعين الاعتبار أن الاختصاص القضائى لمجلس الدولة والاختصاص البرلمانى لمجلس الشعب مستمد كلاهما من أحكام الدستور بيد أنه ينبغى دوما تطبيق نصوص الدستور على نحو يحقق التناسق والانسجام بينها وهو ما فتئت المحكمة الدستورية العليا على تأكيده فى قضاء مستقر لها. ومن ثم فإن القرارات الإدارية التى تسبق عملية الانتخاب، بالمعنى الفنى الاصطلاحى، لا تتمخض عملا تشريعيا أو برلمانيا مما يختص به البرلمان وإنما هى من الأعمال الإدارية التى تباشرها جهة الإدارة فى هذا المقام. وليس فى اضطلاع الجهة الإدارية بهذه الأعمال أو فى الرقابة القضائية على سلامة قراراتها الصادرة فى هذا الشأن ما يعنى مساسا باختصاص البرلمان أو انتقاصا لسلطاته، ذلك أن المجلس النيابى لا يستأثر حقيقة بشئون أعضائه ومصائرهم إلا بعد أن تثبت عضويتهم الصحيحة به النابعة من إرادة الناخبين على هدى ما تسفر عنه الآلية الدستورية المقررة بالمادة (93) من الدستور. كما أن الفصل فى سلامة القرارات الإدارية الصادرة فى شأن الإعداد للعملية الانتخابية - بالمفهوم الفنى الاصطلاحى الدكيق لهذه العملية الانتخابية - هو فى الأصل اختصاص قضائى لا يفترق عن غيره من الاختصاصات القضائية فلا تنأى القرارات الصادرة فى هذا الشأن عن الرقابة القضائية أو تنسلخ عنها. و إذا كان قاضى المشروعية، المهيمن دستوراً على كافة مناحى المنازعات الإدارية، حريصا على اختصاصه نزولاً على أوامر النصوص الدستورية، فإنه لا يقل حرصا على ألا يتجاوز اختصاصه تطاولاً على اختصاص تقرر لجهة أخرى. فقاضى المشروعية يلزم نفسه قبل غيره بأن يكون معبراً صادقا عن حقيق إرادة المشرع، فى مختلف مدارج التشريع دستوراً كان أو قانونا، فيمارس اختصاصه كاملا ولا يتعداه، انحناء لصحيح حكم المشروعية ونزولاً على اعتبارات سيادة القانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة تختص بنظر الطعنين الماثلين باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل فيهما إذ إن محلهما قرار إدارى بعناصره المستقر عليها، صادر من الجهة الإدارية المختصة قبل بدء العملية الانتخابية بالمعنى الفنى الدقيق لها، وأنه ليس من واقع مادى أو قانونى، نشأ لاحقا للقرار المطعون فيه، ما يمكن أن يكون من شأنه أن يحجب عن هذه المحكمة اختصاصا شرع لها أو يقيده أو يحول بينها وبين الفصل فى النزاع الماثل.
ومن حيث إنه وإذ توفرت للطاعنين المصلحة فى الاستمرار فى الاحتكام إلى قاضى المنازعة الإدارية للفصل فى مدى مشروعية القرار المطعون فيه وترتيب آثاره، أخذاً بعين الاعتبار تعلق الأمر بشروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وارتباطه بالحقوق الدستورية، فإن هذه المحكمة لا تملك أن تنزل عن ممارسة اختصاصها المقرر دستوراً، بل يتعين عليها أن تنزل على المنازعة الماثلة صحيح حكم المشروعية.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنه 1972 فى شأن مجلس الشعب تنص على أنه "يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب الآتى :
1- أن يكون مصرى الجنسية ………..."
ومفاد هذا النص - وحسبما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا - أنه يشترط لعضوية مجلس الشعب المصرى أن يكون المرشح صاحب جنسية وحيدة متفردة، هى الجنسية المصرية.
ومن حيث إن الجنسية المصرية - وفقا لصريح أحكام المادة (6) من الدستور - التى تضفى على من يتمتع بها وصف المواطن المصرى، أمر يختص به القانون وحده الذى ناط به الدستور أمر تنظيمها، وهى صفة غالية وشرف لا يدانيه شرف، يترتب عليها تمتع الشخص بحقوق المواطنة والمشاركة فى إدارة الشئون العامة للوطن وللشعب التى تستلزم الولاء العميق والتام لهذا الوطن، بحسبان الجنسية، على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، هى رابطة سياسية وقانونية تربط بين الفرد والدولة يتعهد بمقتضاها الفرد بالولاء وتتعهد الدولة بالحماية. والجنسية بهذه المثابة هى التى يتحدد على أساسها الركن الأصيل لقيام الدولة، إذ بها يتحدد الشعب، وشعب مصر هو الذى يقوم عليه وبه كيان دولة مصر.
ومن حيث إن المادة (10) من قانون الجنسية المشار إليه تنص على أنه "لا يجوز للمصرى أن يتجنس بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن بذلك يصدر بقرار من وزير الداخلية وإلا ظل معتبراً مصريا من جميع الوجوه وفى جميع الأحوال، ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه طبقا للمادة (16) من هذا القانون. ويترتب على تجنس المصرى بجنسية أجنبية، متى أذن له فى ذلك، زوال الجنسية المصرية عنه. ومع ذلك يجوز أن يتضمن الإذن بالتجنس إجازة احتفاظ المأذون له وزوجته وأولاده القصر بالجنسية المصرية، فإذا أعلن رغبته فى الإفادة من ذلك خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية رغم اكتسابهم الجنسية الأجنبية". والمستفاد من النص السابق أن المشرع رتب على تجنس المصرى المأذون له بالتجنس بالجنسية الأجنبية زوال الجنسية المصرية عنه، ومنح للمتجنس بالجنسية الأجنبية حق طلب الاحتفاظ بالجنسية المصرية خلال الفترة التالية مباشرة لاكتسابه الجنسية الأجنبية، وحدد المشرع هذه الفترة بمدة لا تزيد على سنه من تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية، فإذا أعلن المتجنس رغبته فى الاحتفاظ بالجنسية المصرية ظل مصريا، بيد أن المشرع أورد قيداً جوهريا على حق المتجنس فى طلب الاحتفاظ بالجنسية المصرية وذلك بان اشترط لممارسة هذا الحق أن يتضمن الإذن بالتجنس الصادر له من وزير الداخلية، النص على جواز احتفاظه بالجنسية المصرية. كما تقضى المادة (18) فى الفقرة الثانية منها بأنه "كما يجوز بقرار من وزير الداخلية ردها إلى من فقدها باكتسابه جنسية أجنبية بعد الأذن له فى ذلك" . وطبقا لهذا النص لا يستمد الشخص الذى فقد الجنسية المصرية بالتجنس بجنسية أجنبية بعد حصوله على إذن بذلك حقه فى رد الجنسية مباشرة بمجرد تقديمه طلبا بذلك وإنما يستمده من القرار الصادر من وزير الداخلية الذى خوله النص سلطة تقديرية فى رد الجنسية المصرية لمن فقدوا إياها باكتسابهم جنسية أجنبية دون احتفاظهم بالجنسية المصرية، سواء لأن الإذن الصادر لهم بالتجنس بجنسية أجنبية لم يجز لهم الاحتفاظ بالجنسية المصرية أو أجاز لهم الاحتفاظ بالجنسية المصرية ولم يمارسوا حقهم فى طلب الاحتفاظ بالجنسية المصرية خلال المهلة المحددة قانونا لذلك. وتنص المادة (19) على أنه "لا يكون للدخول فى الجنسية المصرية أو سحبها أو إسقاطها أو استردادها أوردها أى أثر فى الماضى ما لم ينص على غير ذلك واستناداً إلى نص فى القانون".
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم ولما كان البين من الأوراق أن المطعون ضده الخامس قد أذن له بتاريخ 17/10/1997 بالتجنس بالجنسية الألمانية مع عدم احتفاظه بالجنسية المصرية وذلك بموجب قرار وزير الداخلية رقم 9429 لسنه 1998 فمن ثم تكون الجنسية المصرية قد زالت عنه طبقا لصريح نص المادة (10) من قانون الجنسية سالف البيان، وإذ لم يصدر قرار من وزير الداخلية برد الجنسية المصرية إليه وفقا لما تقضى به المادة (18) فإنه يكون قد افتقد بذلك شرطا جوهريا من الشروط اللازم توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب. ولا يقدح فى ذلك ما أوردته مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بكتبها الصادرة بتواريخ 2/11 و9/11 و11/11/2000 المودعة ملف الطعنين من أن المطعون ضده الخامس اعتبر محتفظا بجنسيته المصرية وأنه يعامل بوصفه مزدوج الجنسية استناداً إلى طلب الاحتفاظ بجنسيته المصرية المقدم منه طبقا للمادة (10) من قانون الجنسية، إذ إن ذلك على الرغم من تناقضه مع قرار وزير الداخلية الصادر بالإذن له بالتجنس بالجنسية الألمانية مع عدم احتفاظه بالجنسية المصرية، فإنه يخالف صريح حكم القانون الذى يقضى بأن ممارسة الحق فى طلب الاحتفاظ بالجنسية المصرية خلال المهلة المحددة قانونا إنما يقتصر على من تضمن الإذن الصادر له من وزير الداخلية بالتجنس بجنسية أجنبية إجازة احتفاظه بالجنسية المصرية وهو الأمر الذى لا ينطبق على حالة المطعون ضده الخامس مما لا يصح معه الاستناد إلى هذا الطلب والتعويل عليه للقول بثبوت الجنسية المصرية له.
ومن حيث إنه لما سبق، ولما كان من شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب المصرى أن يكون المرشح صاحب جنسية وحيدة هى الجنسية المصرية، وهذا الشرط ليس فقط شرطا للانتساب إلى مجلس الشعب، وإنما هو شرط صلاحية للاستمرار فى عضوية هذا المجلس وكان المطعون ضده الخامس مفتقداً لهذا الشرط وقت تقدمه بأوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب ووقت صدور القرار المطعون فيه، فإنه لا يعتد بأى تغيير يطرأ على حالته بعد تقدمه بطلب الترشيح.
ومن حيث إنه وقد ذهب الحكم الطعين غير هذا المذهب السابق، فإنه يكون قد أخطأ السبيل، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بقبول أوراق ترشيح المطعون ضده الخامس لعضوية مجلس الشعب، وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بقبول ترشيح المطعون ضده الخامس لعضوية مجلس الشعب، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار /على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة و رئيس المحكمة و عضوية السادة الأساتذة المستشارين : رائد / جعفر النفراوى ومحمد عبد الرحمن سلامة وإدوارد غالب سيفين وسامي أحمد محمد الصباغ (نواب رئيس مجلس الدولة)

* الإجراءات :

فى يوم الأحد الموافق 12 مارس سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 26/1/1989 فى الدعوى رقم 650 لسنة 39 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار الإداري السلبي المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - فى ختام تقرير الطعن - أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت جلسة 5/2/1996 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) موضوع لنظره بجلسة 20/10/1996، وبتلك الجلسة قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة جاء فيها أن المطعون ضدها عجزت عن تقديم المستندات الدالة على إقامة والدها وجدها بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 إلى سنة 1929 وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه صحيحاً، ويكون الحكم المطعون فيه - قد ذهب إلى غير ذلك مخالفاً للقانون ومخطئاً فى تطبيقه حريا بالإلغاء، وتداولت هذه المحكمة نظر الطعن - على النحو الثابت بالأوراق - إلى أن قررت النطق بالحكم فيه بجلسة 
16/2/1997.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تلخص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 650 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة فى 1/1/1985 طلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إسقاط جنسيتها المصرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت شرحاً لدعواها إنها مصرية الجنسية وتزوجت من سوري سنة 1966 وما زالت بعصمته، وعندما تقدم زوجها لإدارة الجوازات والجنسية بطلب تجديد إقامته وأولاده منها علم بأن وزير الداخلية أسقط جنسية زوجته المدعية، وأن عليها مغادرة البلاد أو تحصل على إقامة مؤقتة، رغم أن زواجها من سوري الجنسية لا يسقط جنسيتها المصرية، فضلاً عن عدم إعلانها بما يفيد إسقاط جنسيتها وأن من حقها أن تظل مصرية.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة جاء فيها أن المدعية تقدمت بطلب فى 21/9/1968 أعلنت فيه رغبتها الدخول فى جنسية زوجها السوري وأرفقت به ما يفيد اكتسابها جنسية زوجها، ومن ثم تعتبر فاقدة للجنسية المصرية - بفرض ثبوتها - طبقاً للقانون رقم 82 لسنة 1958، وعوملت من ذلك التاريخ على أنها سورية، ولم يصدر قرار بإسقاط جنسيتها.
وأضافت الجهة الإدارية بأن المدعية تقدمت بطلب استرداد الجنسية المصرية فى 5/5/1984 فكلفت بتقديم ما يثبت "الأصل المصري" فتقدمت بشهادة تفيد ميلادها فى 30/5/1946 بالإسكندرية وصورة قيد ميلاد والديها بالإسكندرية فى 9/9/1933 (سواقط قيد) ولم تقدم ما يفيد إقامة والدها وجدها من سنة 1914 إلى سنة 1929 بالبلاد، وقدمت إقراراً بعدم تمكنها من تقديم تلك المستندات ومن ثم لم تتمكن الإدارة من البت فى طلبها.
وقضت المحكمة فى 19/12/1985 بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.
وبجلسة 26/1/1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل، والذي قضى بإلغاء القرار السلبي المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعية هي إلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن رد جنسيتها المصرية إليها وما يترتب على ذلك من آثار أخصها استرداد جنسيتها المصرية ومعاملتها وفقاً لذلك وأضافت المحكمة أن الجنسية المصرية - حسبما يبين من ملف المدعية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية - ثابتة للمدعية منذ ميلادها حتى إعلان رغبتها فى اكتساب جنسية زوجها السوري لكي يتسنى لها السفر معه إلى الخارج وأن هذا الثبوت لم يكن محل منازعة قبل فقدها جنسيتها المصرية بإعلانها الرغبة فى الدخول فى جنسية زوجها ومن ثم فإن امتناع الجهة الإدارية عن رد جنسيتها المصرية إليها لعدم تقديم ما يثبت الأصل المصري يكون غير قائم على أساس صحيح مما يتعين الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقية المدعية فى استرداد جنسيتها المصرية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خرج على مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون ذلك أن المطعون ضدها تقدمت لإدارة الجوازات بالإسكندرية بطلب لاسترداد الجنسية المصرية بالتطبيق لأحكام المادة 13/1 من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975، ولما كانت المطعون ضدها جاءت إلى مصر فى 22/8/ 1973 أثناء قيام الاتحاد الثلاثي بين مصر وسوريا وليبيا حين كان رعايا دول الاتحاد لا يخضعون لقيود الإقامة والتسجيل، وفى عام 1979 - بزوال الاستثناء المتقدم - تقدمت المطعون ضدها إلى إدارة الجوازات بالإسكندرية بطلب تسوية إقامتها بوصفها سورية - وفى 5/5/1984 تقدمت بطلب استرداد الجنسية المصرية، ولما كلفت بتقديم ما يثبت أنها من أصل مصري عجزت عن تقديم المستندات الدالة على ذلك وبالأخص الدالة على إقامة والدها وجدها بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 حتى سنة 1929 مما يجعل القرار المطعون فيه صحيح قانوناً وإذ ذهب الحكم إلى غير ذلك فإنه يكون حريا بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها " أسما محمد عوض" كانت قد تزوجت من محمد حسن سليمان - سوري الجنسية - بموجب عقد زواج رسمي موثق فى 12/3/1966 توثيق الإسكندرية، وبتاريخ 21/9/1968 تقدمت بطلب إلى إدارة جوازات الإسكندرية أقرت بمقتضاه أنها ترغب في الدخول في الجنسية السورية أسوة بزوجها السوري لكي يتسنى لها السفر معه إلى الخارج وقد أفادت سفارة الجمهورية العربية السورية - حسبما هو ثابت بالأوراق - بتاريخ 19/9/1968 أن السيدة / أسما محمد عوض زوجة المواطن السوري محمد حسن سليمان اكتسبت الجنسية العربية السورية.
ومن حيث إن المادة 19 من قانون الجنسية المصرية رقم 82 لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تنص على أن " المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة التي تتزوج من أجنبي تحتفظ بجنسيتها المذكورة إلا إذا رغبت فى الدخول فى جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون زوجها يدخلها فى جنسيته".
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة (12) من قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975 - وهى المقابلة للمادة 19 من القانون الملغى رقم 82 لسنة 1958 تنص على أن " المصرية التي تتزوج من أجنبي تظل محتفظة بجنسيتها المصرية إلا إذا رغبت فى اكتساب جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء الزوجية وكان قانون جنسية زوجها يدخلها فى هذه الجنسية..."
وتنص المادة (13) من القانون المشار إليه رقم 26 لسنة 1975 على أنه "يجوز للمصرية التي فقدت جنسيتها طبقاً للفقرة الأولى من المادة (11) والفقرة الأولى من المادة (12) أن تسترد الجنسية المصرية إذا طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية ..."
أ - ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها أن الزوجة المصرية التي تتزوج من أجنبي يحق لها الدخول فى جنسية زوجها إذا كان قانون جنسيته يسمح لها بذلك وإذا أعلنت عن رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء الزوجية ومن ناحية أخرى فإنه يجوز للزوجة المصرية التي فقدت جنسيتها نتيجة لدخولها جنسية الزوج الأجنبي أن تسترد الجنسية المصرية متى طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية حسبما هو ثابت من شهادة ميلادها التي جاء بها أن اسمها " أسمه" مولودة في 30/5/1946 بمحافظة الإسكندرية من أب مسلم مصري الجنسية وأنها مقيدة بدفتر واقعات الميلاد بمكتب صحة الجمرك بمحافظة الإسكندرية - ويبين من ملف المدعية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية أن المطعون ضدها كانت قد تقدمت بطلب الإذن لها بالإقامة بتاريخ 21/1/1968 وتأشر على طلبها بالآتي " المذكورة أصلاً مصرية من مواليد سنة 1946 وتزوجت من سوري وأنجبت منه طفلين سنة 1967 ، سنة 1968 على التوالي وقد اكتسبت الجنسية السورية بالزواج، وتقدمت بطلب لمنحها إقامة بوصفها سورية وأنها تعد بذلك فاقدة للجنسية المصرية طبقاً للمادة 19 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بإعلانها تنازلها عن الجنسية المصرية، وتمت الموافقة على منحها إقامة أسوة بزوجها مع إرسال شهادة ميلادها إلى مصلحة الأحوال المدنية لتعديل جنسيتها ويبين من الأوراق الموجودة بملف المدعية أن مصلحة الأحوال المدنية ردت على مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بأن الجنسية الثابتة بشهادة ميلاد - المطعون ضدها - هي جنسية الوالد وهذه الجنسية صحيحة حيث يتمتع والدها فعلاً بالجنسية المصرية في تاريخ ميلادها فتعتبر داخلة في الجنسية المصرية…. ولا يجوز إجراء أي تعديل ببيان الجنسية ... لأن أي تعديل يطرأ على جنسية المولودة لأي سبب بعد تاريخ ميلادها لا يؤثر فى واقعة الميلاد ... "
ومن حيث إنه يستفاد من الوقائع المشار إليها أن المطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية وأن هذه الجنسية ثابتة لها منذ ميلادها، حتى إعلان رغبتها في الدخول في جنسية زوجها السوري وتنازلها عن جنسيتها المصرية فإذا كان ذلك وكانت المطعون ضدها قد تقدمت بطلب مؤرخ 5/5/1984 لاسترداد جنسيتها المصرية التي فقدتها بالزواج من أجنبي، إعمالا لنص المادة (13) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 فإنه ما كان يجوز للجهة الإدارية أن تمتنع عن رد الجنسية المصرية بمقولة إن المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد إقامة جدها ووالدها فى البلاد منذ سنة 1914 إلى سنة 1929، ذلك لأن المطعون ضدها لا تطلب الدخول فى الجنسية المصرية ومن ثم يتعين توافر الشروط اللازمة لذلك، وإنما غاية ما تطلبه هو إعمال حكم المادة (13) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 الذي يجيز لمثلها - المصرية التي تزوجت من أجنبي ودخلت فى جنسية زوجها وتنازلت عن جنسيتها - استرداد جنسيتها المصرية متى طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية فالمطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية ولم تنازعها الجهة الإدارية فى تلك الجنسية والثابتة لها أصلاً حسبما هو مبين بالأوراق وعلى النحو المشار إليه بالوقائع سالفة الذكر، ومن ثم فإنه لا يجوز للجهة الإدارية الامتناع عن رد جنسيتها المصرية التي ليست محل منازعة قبل فقدها إياها بالزواج من أجنبي.
ب- ومن حيث إنه ولئن كان قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 ناط بوزير الداخلية سلطة الموافقة أو عدم الموافقة على طلب استرداد الزوجة لجنسيتها المصرية المفقودة بإعلان رغبتها فى الدخول فى جنسية زوجها الأجنبى وذلك للأسباب التي يقدرها الوزير، إلا أن ذلك لا يخل بحق القضاء فى رقابة الأسباب للتحقق من صحة قيامها ومدى مطابقتها للقانون ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن امتناع الجهة الإدارية عن رد الجنسية المصرية فى الحالة الماثلة مرجعه إلى أن المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد الأصل المصرى وما يثبت إقامة والدها وجدها بالبلاد من سنة 1914 حتى سنة 1929 وهو الأمر غير المنصوص عليه قانوناً فى حالة طلب استرداد الجنسية المصرية طالما أن الجنسية المصرية المفقودة بالزواج من أجنبى لم تكن قبل فقدها مثار أى منازعة من قبل الجهة الإدارية، وطالما أن الأوراق تفصح عن ثبوت تلك الجنسية، الأمر الذي يترتب عليه أن امتناع الجهة الإدارية عن رد الجنسية المصرية إلى المطعون ضدها غير قائم على أساس صحيح من القانون، وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وبحق، مما يجعل النعى عليه غير سديد.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب:


حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.


بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار /على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة و رئيس المحكمة و عضوية السادة الأساتذة المستشارين : رائد / جعفر النفراوى ومحمد عبد الرحمن سلامة وإدوارد غالب سيفين وسامي أحمد محمد الصباغ (نواب رئيس مجلس الدولة)

* الإجراءات :

فى يوم الأحد الموافق 12 مارس سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 26/1/1989 فى الدعوى رقم 650 لسنة 39 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار الإداري السلبي المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - فى ختام تقرير الطعن - أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت جلسة 5/2/1996 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) موضوع لنظره بجلسة 20/10/1996، وبتلك الجلسة قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة جاء فيها أن المطعون ضدها عجزت عن تقديم المستندات الدالة على إقامة والدها وجدها بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 إلى سنة 1929 وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه صحيحاً، ويكون الحكم المطعون فيه - قد ذهب إلى غير ذلك مخالفاً للقانون ومخطئاً فى تطبيقه حريا بالإلغاء، وتداولت هذه المحكمة نظر الطعن - على النحو الثابت بالأوراق - إلى أن قررت النطق بالحكم فيه بجلسة 
16/2/1997.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تلخص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 650 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة فى 1/1/1985 طلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إسقاط جنسيتها المصرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت شرحاً لدعواها إنها مصرية الجنسية وتزوجت من سوري سنة 1966 وما زالت بعصمته، وعندما تقدم زوجها لإدارة الجوازات والجنسية بطلب تجديد إقامته وأولاده منها علم بأن وزير الداخلية أسقط جنسية زوجته المدعية، وأن عليها مغادرة البلاد أو تحصل على إقامة مؤقتة، رغم أن زواجها من سوري الجنسية لا يسقط جنسيتها المصرية، فضلاً عن عدم إعلانها بما يفيد إسقاط جنسيتها وأن من حقها أن تظل مصرية.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة جاء فيها أن المدعية تقدمت بطلب فى 21/9/1968 أعلنت فيه رغبتها الدخول فى جنسية زوجها السوري وأرفقت به ما يفيد اكتسابها جنسية زوجها، ومن ثم تعتبر فاقدة للجنسية المصرية - بفرض ثبوتها - طبقاً للقانون رقم 82 لسنة 1958، وعوملت من ذلك التاريخ على أنها سورية، ولم يصدر قرار بإسقاط جنسيتها.
وأضافت الجهة الإدارية بأن المدعية تقدمت بطلب استرداد الجنسية المصرية فى 5/5/1984 فكلفت بتقديم ما يثبت "الأصل المصري" فتقدمت بشهادة تفيد ميلادها فى 30/5/1946 بالإسكندرية وصورة قيد ميلاد والديها بالإسكندرية فى 9/9/1933 (سواقط قيد) ولم تقدم ما يفيد إقامة والدها وجدها من سنة 1914 إلى سنة 1929 بالبلاد، وقدمت إقراراً بعدم تمكنها من تقديم تلك المستندات ومن ثم لم تتمكن الإدارة من البت فى طلبها.
وقضت المحكمة فى 19/12/1985 بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.
وبجلسة 26/1/1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل، والذي قضى بإلغاء القرار السلبي المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعية هي إلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن رد جنسيتها المصرية إليها وما يترتب على ذلك من آثار أخصها استرداد جنسيتها المصرية ومعاملتها وفقاً لذلك وأضافت المحكمة أن الجنسية المصرية - حسبما يبين من ملف المدعية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية - ثابتة للمدعية منذ ميلادها حتى إعلان رغبتها فى اكتساب جنسية زوجها السوري لكي يتسنى لها السفر معه إلى الخارج وأن هذا الثبوت لم يكن محل منازعة قبل فقدها جنسيتها المصرية بإعلانها الرغبة فى الدخول فى جنسية زوجها ومن ثم فإن امتناع الجهة الإدارية عن رد جنسيتها المصرية إليها لعدم تقديم ما يثبت الأصل المصري يكون غير قائم على أساس صحيح مما يتعين الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقية المدعية فى استرداد جنسيتها المصرية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خرج على مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون ذلك أن المطعون ضدها تقدمت لإدارة الجوازات بالإسكندرية بطلب لاسترداد الجنسية المصرية بالتطبيق لأحكام المادة 13/1 من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975، ولما كانت المطعون ضدها جاءت إلى مصر فى 22/8/ 1973 أثناء قيام الاتحاد الثلاثي بين مصر وسوريا وليبيا حين كان رعايا دول الاتحاد لا يخضعون لقيود الإقامة والتسجيل، وفى عام 1979 - بزوال الاستثناء المتقدم - تقدمت المطعون ضدها إلى إدارة الجوازات بالإسكندرية بطلب تسوية إقامتها بوصفها سورية - وفى 5/5/1984 تقدمت بطلب استرداد الجنسية المصرية، ولما كلفت بتقديم ما يثبت أنها من أصل مصري عجزت عن تقديم المستندات الدالة على ذلك وبالأخص الدالة على إقامة والدها وجدها بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 حتى سنة 1929 مما يجعل القرار المطعون فيه صحيح قانوناً وإذ ذهب الحكم إلى غير ذلك فإنه يكون حريا بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها " أسما محمد عوض" كانت قد تزوجت من محمد حسن سليمان - سوري الجنسية - بموجب عقد زواج رسمي موثق فى 12/3/1966 توثيق الإسكندرية، وبتاريخ 21/9/1968 تقدمت بطلب إلى إدارة جوازات الإسكندرية أقرت بمقتضاه أنها ترغب في الدخول في الجنسية السورية أسوة بزوجها السوري لكي يتسنى لها السفر معه إلى الخارج وقد أفادت سفارة الجمهورية العربية السورية - حسبما هو ثابت بالأوراق - بتاريخ 19/9/1968 أن السيدة / أسما محمد عوض زوجة المواطن السوري محمد حسن سليمان اكتسبت الجنسية العربية السورية.
ومن حيث إن المادة 19 من قانون الجنسية المصرية رقم 82 لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تنص على أن " المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة التي تتزوج من أجنبي تحتفظ بجنسيتها المذكورة إلا إذا رغبت فى الدخول فى جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون زوجها يدخلها فى جنسيته".
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة (12) من قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975 - وهى المقابلة للمادة 19 من القانون الملغى رقم 82 لسنة 1958 تنص على أن " المصرية التي تتزوج من أجنبي تظل محتفظة بجنسيتها المصرية إلا إذا رغبت فى اكتساب جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء الزوجية وكان قانون جنسية زوجها يدخلها فى هذه الجنسية..."
وتنص المادة (13) من القانون المشار إليه رقم 26 لسنة 1975 على أنه "يجوز للمصرية التي فقدت جنسيتها طبقاً للفقرة الأولى من المادة (11) والفقرة الأولى من المادة (12) أن تسترد الجنسية المصرية إذا طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية ..."
أ - ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها أن الزوجة المصرية التي تتزوج من أجنبي يحق لها الدخول فى جنسية زوجها إذا كان قانون جنسيته يسمح لها بذلك وإذا أعلنت عن رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء الزوجية ومن ناحية أخرى فإنه يجوز للزوجة المصرية التي فقدت جنسيتها نتيجة لدخولها جنسية الزوج الأجنبي أن تسترد الجنسية المصرية متى طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية حسبما هو ثابت من شهادة ميلادها التي جاء بها أن اسمها " أسمه" مولودة في 30/5/1946 بمحافظة الإسكندرية من أب مسلم مصري الجنسية وأنها مقيدة بدفتر واقعات الميلاد بمكتب صحة الجمرك بمحافظة الإسكندرية - ويبين من ملف المدعية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية أن المطعون ضدها كانت قد تقدمت بطلب الإذن لها بالإقامة بتاريخ 21/1/1968 وتأشر على طلبها بالآتي " المذكورة أصلاً مصرية من مواليد سنة 1946 وتزوجت من سوري وأنجبت منه طفلين سنة 1967 ، سنة 1968 على التوالي وقد اكتسبت الجنسية السورية بالزواج، وتقدمت بطلب لمنحها إقامة بوصفها سورية وأنها تعد بذلك فاقدة للجنسية المصرية طبقاً للمادة 19 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بإعلانها تنازلها عن الجنسية المصرية، وتمت الموافقة على منحها إقامة أسوة بزوجها مع إرسال شهادة ميلادها إلى مصلحة الأحوال المدنية لتعديل جنسيتها ويبين من الأوراق الموجودة بملف المدعية أن مصلحة الأحوال المدنية ردت على مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بأن الجنسية الثابتة بشهادة ميلاد - المطعون ضدها - هي جنسية الوالد وهذه الجنسية صحيحة حيث يتمتع والدها فعلاً بالجنسية المصرية في تاريخ ميلادها فتعتبر داخلة في الجنسية المصرية…. ولا يجوز إجراء أي تعديل ببيان الجنسية ... لأن أي تعديل يطرأ على جنسية المولودة لأي سبب بعد تاريخ ميلادها لا يؤثر فى واقعة الميلاد ... "
ومن حيث إنه يستفاد من الوقائع المشار إليها أن المطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية وأن هذه الجنسية ثابتة لها منذ ميلادها، حتى إعلان رغبتها في الدخول في جنسية زوجها السوري وتنازلها عن جنسيتها المصرية فإذا كان ذلك وكانت المطعون ضدها قد تقدمت بطلب مؤرخ 5/5/1984 لاسترداد جنسيتها المصرية التي فقدتها بالزواج من أجنبي، إعمالا لنص المادة (13) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 فإنه ما كان يجوز للجهة الإدارية أن تمتنع عن رد الجنسية المصرية بمقولة إن المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد إقامة جدها ووالدها فى البلاد منذ سنة 1914 إلى سنة 1929، ذلك لأن المطعون ضدها لا تطلب الدخول فى الجنسية المصرية ومن ثم يتعين توافر الشروط اللازمة لذلك، وإنما غاية ما تطلبه هو إعمال حكم المادة (13) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 الذي يجيز لمثلها - المصرية التي تزوجت من أجنبي ودخلت فى جنسية زوجها وتنازلت عن جنسيتها - استرداد جنسيتها المصرية متى طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية فالمطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية ولم تنازعها الجهة الإدارية فى تلك الجنسية والثابتة لها أصلاً حسبما هو مبين بالأوراق وعلى النحو المشار إليه بالوقائع سالفة الذكر، ومن ثم فإنه لا يجوز للجهة الإدارية الامتناع عن رد جنسيتها المصرية التي ليست محل منازعة قبل فقدها إياها بالزواج من أجنبي.
ب- ومن حيث إنه ولئن كان قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 ناط بوزير الداخلية سلطة الموافقة أو عدم الموافقة على طلب استرداد الزوجة لجنسيتها المصرية المفقودة بإعلان رغبتها فى الدخول فى جنسية زوجها الأجنبى وذلك للأسباب التي يقدرها الوزير، إلا أن ذلك لا يخل بحق القضاء فى رقابة الأسباب للتحقق من صحة قيامها ومدى مطابقتها للقانون ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن امتناع الجهة الإدارية عن رد الجنسية المصرية فى الحالة الماثلة مرجعه إلى أن المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد الأصل المصرى وما يثبت إقامة والدها وجدها بالبلاد من سنة 1914 حتى سنة 1929 وهو الأمر غير المنصوص عليه قانوناً فى حالة طلب استرداد الجنسية المصرية طالما أن الجنسية المصرية المفقودة بالزواج من أجنبى لم تكن قبل فقدها مثار أى منازعة من قبل الجهة الإدارية، وطالما أن الأوراق تفصح عن ثبوت تلك الجنسية، الأمر الذي يترتب عليه أن امتناع الجهة الإدارية عن رد الجنسية المصرية إلى المطعون ضدها غير قائم على أساس صحيح من القانون، وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وبحق، مما يجعل النعى عليه غير سديد.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.


 بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً 
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين على. المستشارين.

* إجراءات الطعن

فى يوم الإثنين الموافق 14/7/1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدولها برقم 1432 لسنة 26 ق عليا ضد ايلى فيليب كافورى ونادية جوزيف كافورى وعايدة لندا ايلى كافورى واليزابيث ماجدة ايلى كافورى وهدى جورجيت ايلى كافورى - فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة 18/5/1980 فى الدعوكى رقم 1514 لسنة 30 ق المقامة من المطعون ضدهم والذى قضى بإلزام وزير الداخلية بصفته بأن يدفع إلى المدعين خمسة آلاف جنيه مع إلزامه بالمصروفات، وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل فى موضوع الطعن وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهم وإلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن المطعون ضدهم بتقرير الطعن فى 15/9/1980 وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسبباً ارتأت به الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بصفتهما بالمصروفات. وفى يوم الأربعاء 16/7/1980 أودع الوكيل عن المدعين ايلى فيليب كافورى، ونادية جوزيف كافورى، وعايدة لندا كافورى، واليزابيث ماجدة ايلى كافورى وهدى جورجيت ايلى كافورى - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدول المحكمة برقم 1435 لسنة 26 ق عليا ضد وزير الداخلية فى الحكم المطعون فيه بموجب الطعن رقم 1432 لسنة 26 ق عليا سالف الذكر. وطلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده ( وزير الداخلية ) بأن يؤدى للطاعنيـن مبلـغ مائـة ألف جنيـه ( 100.000 جنيه ) على سبيل التعويض مع المصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن تقرير الطعن إلى إدارة قضايا الحكومة فى 28/8/1980، وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسبباً ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلـسة 4/10/1982 وفيها قررت ضم الطعن رقم 1435 لسنة 26 ق عليا إلى الطعن رقم 1432 لسنة 26 ق عليا وبجلسة 1/11/1982 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى ) لنظرهما بجلسة 4/12/82 وفيها نظرت المحكمة الطعنين وسمعت ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم فى الطعنين إلى جلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى أن المدعين ايلى فيليب كافورى - ونادية جوزيف كافورى - وعايدة لندا ايلى كافورى - واليزابيث ماجده ايلى كافورى - وهدى جورجيت ايلى كافورى أقاموا الدعوى رقم 1514 لسنة 30 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى فى 17/6/1967 ضد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية وطلبوا فيها الحكم بإلزام الحكومة بأن تؤدى لهم مبلغ مائة ألف جنيه 100.000ج على سبيل التعويض عما نالهم من أضرار مادية وأدبية مع المصروفات. وقالوا فى شرح الدعوى أنه فى 25/10/1961 صدر الأمر رقم 140 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات السيد / ايلى كافورى المدعى الأول وأسرته المكونة من باقى المدعين. وفى 31/12/1961 تقدم السيد / ايلى كافورى بطلب إلى الحارس العام بالأذن له بالعمل فى لبنان وبإعطائه شهادة بالموافقة على سفره لتقديمها إلى الجوازات والجنسية. وفى 22/1 سنة 1962 أخطرت الحراسة العامة إدارة الجوازات والجنسية بأنها لا تمانع من سفر ايلى كافورى للعمل فى الخارج. وفى 24/1/1962 طلب ايلى كافورى من وزير الداخلية الأذن له بالسفر للعمل فى الخارج، وصدرت الموافقة على الطلب وسافر المدعى الأول إلى لبنان فى 6/4/1962 بتأشيرة خروج عمل مؤرخة 5/4/1962. وفى سنة 1965 صدر القرار الجمهورى برقم 1146 بإسقاط جنسية الجمهورية العربية المتحدة عن ايلى كافورى وأسرته (باقى المدعين) وكان ذلك بناء على معلومات الإدارة من أنه غادر البلاد فى 15/1/1958 إلى بيروت ولم يعد إلى مصر حال كونه من الموضوعين تحت الحراسة بالأمر رقم 140 لسنة 1961. وفى سنة 1970 تقدم ايلى كافورى بشكوى إلى وزير الداخلية نفى فيها عن نفسه تهمة مغادرة البلاد دون إذن أو رفضه العودة إليها مؤكداً على أنه غادرها بعلم وموافقة السلطات المختصة للعمل فى الخارج وطلب إعادة جنسيته المصرية إليه وقامت إدارة الوثائق والجنسية بفحص الطلب وقدمت مذكرة جاء فيها أن المدعى الأول سافر إلى لبنان فى 6/4/1967 للعمل بموافقة الحراسة العامة وأن الحراسة العامة طلبت من رئيس مجلس الوزراء إسقاط الجنسية المصرية عنه فوافق على ذلك وصدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 بإسقاط الجنسية عنه طبقاً للمادة 63 من القانون رقم 82 لسنة 1958 لمغادرته البلاد بنية عدم العودة وأن قرار إسقاط الجنسية صدر باطلاً لأن الحراسة رفعت طلب إسقاط الجنسية المصرية عن المدعى الأول إلى رئيس مجلس الوزراء مباشرة دون الرجوع إلى مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية وهى الجهة المختصة أصلاً ببحث مشروعية أسباب إسقاط الجنسية وأن المدعى الأول سافر إلى الخارج للعمل وليس بنية عدم العودة وكان ذلك بعلم الحراسة العامة ذاتها وقد كلف المدعى الأول بالعودة عن طريق الجريدة الرسمية رغم أن عنوانه فى لبنان معروف ولم يتلق اخطاراً بالعودة. وبعرض الأمر على إدارة الفتوى المختصة رأت أن قرار إسقاط الجنسية عن المدعى صدر فى حالة لا يجوز صدوره فيها الأمر الذى يجوز معه سحبه دون التقيد بالمواعيد المقررة للسحب لأنه لا ينشئ مركز ذاتى تتعلق به حقوق ذوى الشأن وبعرض الأمر على وزير الداخلية أبقى قرار إسقاط الجنسية الباطل وبإعادة عرض الموضوع بعد سنوات رأى وزير الداخلية سحب قرار إسقاط الجنسية لمخالفته القانون ثم صدر القرار الجمهورى فى سنة 1972 بسحب قرار إسقاط الجنسية لصدوره فى غير الحالات المقررة لصدوره قانوناً، فكأن الإدارة قد سلمت بأن قرار إسقاط الجنسية عن الطالبين رقم 1146 لسنة 1965 قد صدر باطلاً ومشوباً بسوء استعمال السلطة، وقد لحق الطالبين من جراء قرار إسقاط جنسيتهم سنة 1965 أضرار مادية وأدبية منها حرمانهم من العودة إلى وطنهم مصر من سنة 1965 إلى 1972 حين صدر قرار رئيس الجمهورية بسحب قرار إسقاط الجنسية، وحرمانهم أيضاً وخاصة رب العائلة ايلى كافورى من العودة إلى ممارسة نشاطه فى مصر بالنظر إلى ماضيه وخبرته فى ميدان الأعمال الحرة وحرمانهم من مسكنهم الوحيد فى مصر وهو الفيلا رقم 28 شارع العروبة بمصر الجديدة والمملوكة للسيدة / نادية جوزيف كافورى زوجة الطالب الأول وقد اتخذت بعض مراكز القوى من قرار إسقاط الجنسية الباطل وحرمان المدعين من العودة إلى مصر ذريعة للاستيلاء على المسكن والاستمرار فى شغله حتى الآن بينما يعانى المدعون من مشكلات السكن فى الشقق المفروشة. ويحق للمدعين طلب التعويض عن كافة الأضرار الأدبية والمالية التى نالتهم من جراء إسقاط جنسيتهم الباطل، ويقدرون التعويض بمبلغ 100.000 ج مائة ألف جنيه.
وعقبت وزارة الداخلية على الدعوى فقالت أن السيد/ ايلى فيليب كافورى من مواليد الأسكندرية سنة 1918 مسيحى الديانة ، وقد اعتبر داخلاً فى الجنسية المصرية بحكم القانون طبقاً للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 وقد ورد لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية كتاب المباحث العامة رقم 1400 لسنة 1964 المؤرخ 23/1/1964 يتضمن أنه مدرج بسجل العزل السياسى وورد كتاب وزير الداخلية رقم 42/4394 المؤرخ 7/9/1964 مرفقاً به صورة خطاب مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على اسقاط جنسية جمهورية مصر عن المدعى الأول، وبعض الأمر على إدارة الفتوى المختصة أفادت بأن المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تقضى بأنه يجوز بقرار مسبب من رئيس الجمهورية لأسباب هامة يقدرها اسقاط جنسية الجمهورية العربية المتحدة عن كل شخص متمتع بها يكون قد غادر مصر بقصد عدم العودة إذا جاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر وذلك بعد إخطاره بالعودة إذا لم يرد أو إذا رد بأسباب غير مقنعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إخطاره والمدعى الأول غادر مصر فى 15/1/1958 دون أن يحصل على ترخيص بالمغادرة أو العمل من الأمن العام ومضى على مغادرته البلاد أكثر من ستة أشهر، وهو ما يؤكد انصراف نيته إلى مغادرة البلاد نهائياً. لذلك فإنه يجوز للإدارة استصدار قرار من رئيس الجمهورية باسقاط جنسية مصر عنه وفقاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 282 لسنة 1959 بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 ومنها إخطاره بالعودة واسقاط الجنسية عن المدعى الأول يتضمن سقوطها عن زوجته وأولاده القصر المغادرين البلاد وفقاً لحكم المادة 24 من القانون المذكور. وبناء على هذا النظر صدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فى 17/4/1965 باسقاط الجنسية عن المدعى الأول لأنه غادر مصر بنية عدم العودة وجاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر ولم يعد رغم إخطاره خلال ثلاثة أشهر وادرج اسمه فى قائمة الممنوعين عن الدخول. وقد تقدم المدعى بالتماس عن طريق القنصلية المصرية فى بيروت لإعادة النظر فى اسقاط الجنسية عنه، وتبين للمصلحة من فحص الأوراق أن المدعى الأول قدم طلباً فى 22/3/1960 للسماح له بالسفر إلى الخارج لقضاء بعض المصالح الخاصة بعمله، ووافقت الحراسة على سفر المدعى إلى لبنان بناء على طلب لحصوله على عمل فى لبنان من 1/1/1962 وسافر المدعى إلى لبنان فى 6/4/1962 بموافقة الحراسة العامة ورغم ذلك رفعت الحراسة مذكرة إلى رئيس الوزراء بطلب اسقاط الجنسية عنه وقد استصدر رئيس مجلس الوزراء القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى وخلصت مذكرة مصلحة جوازات السفر والجنسية إلى اعتبار قرار اسقاط الجنسية عن المدعى قراراً باطلاً وطلبت سحبه إذا وافقت وزارة الداخلية. وباستطلاع رأى مجلس الدولة أوضح أن المدعى غادر البلاد فى سنة 1962 بموافقة الجهات المختصة بعد حصوله على عقد عمل فى لبنان. ومناط اسقاط الجنسية المصرية وفقاً لحكم المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 هو انصراف نية المغادر إلى مغادرة البلاد نهائياً. وقد سافر المدعى إلى لبنان فى 6/4/1982 بموافقة الحراسة العامة بعد أن أثبت أن سفره كان للعمل ( تعاقد شخصى ) ولذلك يكون اسقاط الجنسية المصرية على ايلى فيليب كافورى قد تم فى غير الحالات المقررة قانوناً لإسقاط الجنسية، الأمر الذى يجوز معه للحكومة سحب قرار اسقاط الجنسية دون التقيد بأية مواعيد وقد صدر القرار الجمهورى رقم 162 لسنة 1973 فى 13/2/1973 بسحب القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فيما تضمنه من اسقاط الجنسية عن المدعى، ويتضح مما تقدم أن قرار اسقاط الجنسية عن المدعى تم بناء على مذكرة الحراسة العامة، وسفر المدعى إلى لبنان لم يكن بنيه مغادرة البلاد نهائياً ولكن كان للعمل بموافقة الحراسة العامة ذاتها، وقد تبين لوزارة الداخلية عند إعادة بحث الموضوع أن اسقاط الجنسية عن المدعى كان بناء على معلومات خاطئة لم تكن تعلمها وزارة الداخلية التى سارعت إلى مجلس الدولة بالوقائع الصحيحة طالبة رأيه فأفتاها بسحب قرار اسقاط الجنسية وصدر القرار الجمهورى بسحب قرار اسقاط الجنسية بعد ثورة التصحيح. فوزارة الداخلية لم تخطئ ولكنها تصرفت بناء على المعلومات التى توافرت لديها وعندما اتضحت لها الحقيقة بادرت إلى التصحيح وسحب القرار حتى تعود الجنسية إلى صاحبها وفى ذلك تعويض عينى كاف بما لا يدع مجالاً للتعويض النقدى وخلصت الحكومة إلى طلب الحكم برفض الدعوى بطلب التعويض النقدى وإلزام المدعين بالمصروفات.
وبجلسة 18/5/1980 قضت محكمة القضاء الإدارى للمدعين بإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع لهم خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات، وأقامت المحكمة هذا القضاء على أساس أنه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1146 لسنة 1965 فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية عن المدعى الأول لمغادرته البلاد بنية عدم العودة وجاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر وهو لم يعد رغم إخطاره بالعودة خلال ثلاثة أشهر وتضيف المحكمة أن المدعى الأول كان قد حصل على عقد عمل بالخارج وغادر البلاد سنة 1962 بموافقة السلطات المختصة وأنه لم يخطر بالعودة على عنوانه المعروف لدى الإدارة وإنما تم إخطاره عن طريق النشر بالجريدة الرسمية. وهذا الإجراء لا تجيزه المادة 43 من قانون الجنسية رقم 82 لسنة 1958 الذى كان سارياً إلا إذا امتنع الشخص عن تسلم الإخطار بالعودة أو لم يكن له محل إقامة معروف فى الخارج. وترتب على اسقاط الجنسية عن المدعى الأول اسقاطها عن عائلته طبقاً لحكم المادة 24 من قانون الجنسية رقم 82 لسنة 1958 وأكدت المحكمة عدم مشروعية القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 باسقاط الجنسية عن المدعين، كما أكدت ما كان من مسلك الإدارة بإغفال واقعة حاسمة فى دلالتهما وهى ما كان من سفر المدعى الأول إلى لبنان بعد حصوله على تأشيرة خروج للعمل سنة 1962 بينما الثابت أن مصلحة الجوازات والجنسية كانت تذكر فى مكاتباتها السابقة على صدور قرار اسقاط الجنسية أن المدعى غادر البلاد فى 15/1/1958 فضلاً عن اخطاره بالعودة عن طريق النشر بالجريدة الرسمية فى الواقعة الذى أقرت الإدارة فيه بمعرفتها عنوان المدعى الأول فى الخارج الأمر الذى ينحدر بتصرف الإدارة إلى الخطأ الجسيم. وأضافت المحكمة أن المدعى الأول وزوجته قد اكتسبا الجنسية اللبنانية فى 4/9/1971 وبذلك يكونا مع بناتهما قد عاشوا من تاريخ اسقاط الجنسية المصرية عنهم وحتى تاريخ كسبهم الجنسية اللبنانية بصفة عديمى الجنسية بعد حرمانهم من شرف الانتماء إلى دولتهم. ولذلك يكون قد أصاب المدعين ضرر أدبى حقيقى ولا يكفى لجبر هذا الضرر صدور القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1973 بسحب قرار اسقاط الجنسية وان كان هذا القرار يجبر جانباً من الأضرار، وقدرت المحكمة التعويض عن الأضرار الأدبية التى أصابت المدعين بمبلغ خمسة آلاف جنيه. أما عن الضرر المادى فإن قرار إسقاط الجنسية المصرية عن المدعى الأول لم يحرمه من فرص العمل والكسب بمصر، وكذلك الأمر بالنسبة لباقى المدعين الأمر الذى قضت معه المحكمة برفض طلب التعويض المادى. أما حرمان المدعية الثانية من مسكنها فليس مرده إلى قرار اسقاط الجنسية عنها بالتبعية لاسقاطها عن زوجها ولكن أساسه التصرف الذى قامت به الجهة القائمة على تنفيذ القرار بفرض الحراسة على المدعى الأول وعائلته، والنعى على هذا التصرف وطلب التعويض عنه يكون باختصام جهاز تصفية الحراسات عن المدعين، إذ لا اعتداد فى مجال طلب التعويض عن الأضرار المترتبة على قرار اسقاط الجنسية عن المدعين بالأضرار التى أصابتهم من جراء فرض الحراسة عليهم.
ويقوم طعن الحكومة ( رقم 1432 لسنة 26ق عليا ) على أساس أن وزارة الداخلية قد تجمعت لديها المعلومات والأسباب المبررة لاتخاذ قرار اسقاط الجنسية فقد أفادت المباحث العامة بأن المدعى الأول مدرج بسجل العزل السياسى ولم تخطر وزارة الداخلية بواقعة موافقة الحراسة على سفر المدعى للعمل فى الخارج، كما أن غيبة المدعى بالخارج استطالت دون أن يعود ولم يستجب لاخطاره بالعودة ولذلك اطمأنت وزارة الداخلية إلى سلامة الإجراءات التى اتخذتها على أساس أن مغادرة المدعى وأسرته البلاد كان بنية عدم العودة خاصة وأن وزارة الداخلية استطلعت رأى إدارة الفتوى المختصة فأفادتها بصحة تصرفها باسقاط الجنسية عن المدعين. ولم يصدر قرار سحب قرار اسقاط الجنسية لعدم مشروعية قرار اسقاط الجنسية ولكه صدر فى إطار سياسية فتح الباب أمام أولئك الذين اسقطت عنهم الجنسية لكى يعودوا إلى مصر ويشاركوا فى مسيرة التنمية فيها وذلك بسحب قرارات اسقاط الجنسية عنهم لعدم وجود نص فى القانون المعمول به سنة 1973 يسمح برد الجنسية وقرار اسقاط الجنسية عن المدعين صدر سليماً بما لا يوجب التعويض عنه، كما أن إعادة الجنسية المصرية إلى المدعى وأسرته بالقرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1963 يتضمن تعويضاً عينياً كافياً لا يصح معه التعويض بمقابل نقدى.
ويقوم طعن المدعين ( رقم 1435 لسنة 26 ق عليا ) على أساس أن تقدير التعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه (5000ج) هو بغير شبهة ووفقاً لجميع مقاييس التقدير يعتبر أقل من القليل مما يستحق المدعون خاصة بعد تدهور القوة الشرائية للعملة. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه بإطراحه طلب التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت المدعين من جراء حرمانهم من فوضى استثمار خبرته السابقة فى مجال السياحة والنقل، وهو وإن كان أمراً محتملاً، إلا أن تفويت الفرصة أمر محقق وليس ما يمنع من حسابها ضمن عناصر التعويض. وأخطأ الحكم المطعون فيه طلب التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت المدعين من جراء الاستيلاء على مسكنهم الوحيد وحرمانهم من الانتفاع به والاستيلاء على ما كان به من منقولات ورياش ثمينة بمقولة أن هذا التصرف قد تم نتيجة فرض الحراسة على المدعين، وذلك رغم ما أوضحه المدعون من أن قرار تأجير المسكن للغير كان على أساس أبعاد المدعين عن مصر واسقاط جنسيتهم.
ومن حيث أن المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة المعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تجيز بقرار من رئيس الجمهورية لأسباب هامة يقدرها إسقاط جنسية الجمهورية العربية المتحدة عن كل شخص متمتع بها يكون قد غادر الجمهورية بقصد عدم العودة إذا جاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر وذلك بعد إخطاره بالعودة إذا لم يرد أو رد بأسباب غير مقنعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إخطاره. فإذا امتنع عن تسلم الإخطار أو لم يعرف له محل إقامة اعتبر النشر عن ذلك فى الجريدة الرسمية بمثابة الإخطار. وتقضى المادة 23 بأن يترتب على اسقاط الجنسية عن صاحبها فى الحالة المنصوص عليها فى المادة 23 أن تسقط الجنسية أيضاً عن زوجته وأولاده القصر المغادرين معه. والثابت من الأوراق بيقين أن المدعى الأول ايلى فيليب ضاهر كافورى من مواليد الأسكندرية سنة 1918 وهو مصر الجنسية من أصل لبنانى وقد فرضت الحراسة على أمواله وممتلكاته وأموال زوجته وأولاده بالأمر رقم 140 لسنة 1961 الصادر فى 25/10/1961، وفى 31/12/1961 طلب المدعى من الحارس العام الإذن له بالسفر إلى لينان للعمل وإعطائه شهادة بالموافقة على سفره ليقدمها إلى إدارة الجوازات والجنسية. وقد وافقت الحراسة العامة على سفر المدعى الأول للعمل فى الخارج وأخطرته بهذه الموافقة إدارة الجوازات والجنسية وطلب المدعى من وزارة الداخلية الإذن له بالسفر إلى الخارج بقصد العمل، ووافقت وزارة الداخلية على طلبه ومنحته تأشيرة خروج للعمل بالخارج مؤرخة 5/4/1962 وسافر المدعى مغادراً أرض مصر فى 6/4/1962 بتأشيرة خروج للعمل صادرة بناء على موافقة الحراسة العامة على سفره إلى لبنان للعمل هناك. وقد تبودلت خطابات بين المباحث العامة فرع النشاط الداخلى (معتقلات) وبين الحراسة العامة ووزارة الداخلية ومكتب رئيس مجلس الوزراء حول النظر فى اسقاط الجنسية المصرية عن المدعى الأول لإقامته فى الخارج وانصراف نيته إلى عدم العودة إلى مصر وكان ذلك فى سنة 1964 وقد أفاد قسم المراقبة بمصلحة الجوازات والجنسية رداً على السؤال عن تحركات المدعى بأنه - أى المدعى - غادر الوطن فى 15/1/1958 إلى بيروت بتأشيرة خروج رقم 586/ القاهرة مؤرخة 12/1/1958 ولم يستدل على عودته إلى الوطن، فأخطر بالعودة إلى مصر عن طريق النشر فى الجريدة الرسمية بحجة عدم وجود عنوان معروف له بالخارج، ووافق رئيس مجلس الوزراء على اسقاط الجنسية المصرية عن المدعى وأفتت إدارة الفتوى المختصة فى أكتوبر سنة 1964 بأنه لما كان المدعى الأول قد غادر البلاد فى 15/1/1958 دون أن يحصل على تصريح بالمغادرة أو العمل من الأمن العام ومضى على مغادرته البلاد أكثر من ستة أشهر فإن نيته تكون قد انصرفت إلى المغادرة النهائية ويجوز اسقاط الجنسية المصرية عنه بقرار من رئيس الجمهورية. وبالفعل صدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى لأنه يقيم بالخارج وغادر البلاد بنية عدم العودة إليها وجاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر ولم يعد رغم إخطاره بالعودة خلال ثلاثة أشهر - وذلك محافظة على سلامة الجمهورية وأمنها وسلامتها. وقد تظلم المدعى من هذا القرار وتبين للإدارة أن المدعى غادر البلاد فى 6/4/1962 بعد أن أحصل على إذن من الحراسة العامة بسفره، وان مغادرته البلاد كانت بقصد العمل فى لبنان، وان رقم تأشيرة خروجه من مصر هو 852 عمل بمستندات (ع.ح) فى 5/4/1962 وأنها صدرت بموافقة الحراسة العامة بعد أن قدم المدعى ( المستندات المثبـتـة لطلب سفره بقصد العمل فى لبنان ( تعاقد شخصى ) وكان سفره إلى لبنان بموافقة الحراسة العامة. وعند ذلك أفتت إدارة الفتوى فى ضوء الوقائع الصحيحة بأن قرار اسقاط الجنسية عن المدعى قد صدر فى غير الحالات المقررة لذلك قانوناً وهو قرار غير مشروع ويجوز سحبه فى أى وقت دون التقيد بالمواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة ثم صدر القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1973 فى 13/2/1973 بسحب قرار رئيس الجمهورية رقم 1146 لسنة 65 فيما تضمنه من اسقاط الجنسية المصرية عن المدعى. وليس من ريب أن القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 الصادر فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى يتسم بعدم المشروعية لمخالفته حكم المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 ذلك أن الثابت بيقين أن المدعى غادر مصر فى 6/4/1962 بقصد العمل فى لبنان بموافقة الحراسة العامة ووزارة الداخلية على سفره إلى الخارج لهذا الغرض، ومن ثم لا تتوافر فى حقه واقعة مغادرة البلاد بقصد عدم العودة - وهى التى تبرر مع توافر باقى شروط المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 اسقاط الجنسية المصرية عن المواطن. وليس من ريب إن القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى والمتسم بعدم المشروعية لفساد سببه وقيامه على واقعات غير صحيحة. قد الحق أبلغ الأضرار الأدبية بالمدعى وأسرته. فحرمه وحرمهم من شرف الانتماء إلى مصر - الدولة والشعب وعراقة التاريخ وتجاريب الحاضر والأمانى القومية فى تحقيق مستقبل أفضل وأسقطه فى بئر المحرومين من الجنسية المهددين بعدم القرار فى أية دولة فى العالم - إلا فى حدود ما يتسامح فيه بالنسبة لعديمى الجنسية، ومما يؤكد هذه الأضرار الأدبية أن المدعى لم يتقبل ساكتاً صدور قرار رئيس الجمهورية الصادر باسقاط الجنسية عنه، ولكنه دافع عن حقه فى الجنسية المصرية فتظلم وقدم الشكاوى وبين وجه الحق فيما التبس على الإدارة استخلاصه من الوقائع الصحيحة، وانتجت طعناته المتكررة على قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية عنه صدور القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1973 بسحب القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فيما تضمنه من اسقاط الجنسية المصرية عنه. ولا يغنى المدعى عن حقه فى التعويض عن هذه الأضرار الأدبية ولا يجبرها مجرد صدور قرار رئيس الجمهورية بسحب قرار اسقاط الجنسية المصرية عنه وما ترتب على ذلك من السماح للمدعى بالعودة إلى مصر مرة ثانية بوصفه مصرياً وهو ما قضى به بحق الحكم بالعودة إلى مصر ثانية بوصفه مصرياً وهو ما قضى به بحق الحكم المطعون فيه. ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى غادر مصر إلى لبنان فى 6/4/1962 بقصد العمل هناك بناء على تعاقد شخصى، وكان الثابت أن المدعى حصل وهو فى لبنان على جنسية لبنان وعمل هناك، وكان المدعى قد أقر فى تظلماته من قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية المصرية عنه بأنه قد ترك مصر تحت ضغط الحاجة إلى العمل من أجل العيش إذ أجبرته الحراسة على ترك عمله الذى كان يتعيش منه ولم تصرح له بالعمل فى مصر وأنه عثر على عمل له فى لبنان، وعلى ذلك فإن قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى لم يحرمه من فرص العمل فى مصر، فقد حرم المدعى من العمل من جراء فرض الحراسة على أمواله وممتلكاته، ولم يثبت من الأوراق أن زوجة المدعى وبناته قد حرم من العمل فى مصر من جراء اسقاط الجنسية المصرية عنهم بالتبعية لاسقاطها عن المدعى الأول زوج المدعية الثانية ووالد باقى المدعيات، والثابت بإقرار المدعى نفسه أنه عمل فى لبنان حيث حصل على جنسية لبنان، أما عن حرمان المدعين من مسكنهم الوحيد فى مصر وهو الفيلا رقم 28 شارع العروبة بمصر الجديدة والمملوكة للمدعية الثانية زوجة المدعى الأول فكان نتيجة لفرض الحراسة على أموال وممتلكات المدعى وزوجته وبناته الثلاث، وقد تصرفت الحراسة العامة فى العقار بالبيع إلى شركة مصر للتأمين فى 10/4/1963 قبل صدور القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى وعلى ذلك تنحصر الوقائع الموجبة للتعويض والمترتبة على القرار الجمهورى غير المشروع باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى فى الأضرار الأدبية وحدها، وهى حرمان المدعى وأسرته وهم فى لبنان من الانتماء السياسى والمصيرى لمصر، ولم يلحق القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعين أية أضرار بهم إذ لم يترتب عليه تفويت فرص العمل على المدعين فى مصر ولا ترتب عليه حرمانهم من مسكنهم بشارع العروبة بمصر الجديدة، فهذه كلها - أى الأضرار المادية - قد نتجت وترتبت على واقعة فرض الحراسة على أموال وممتلكات المدعى وأفراد أسرته - زوجته وبناته - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع للمدعين تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه (5000 ج) عن الأضرار الأدبية المترتبة على قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية المصرية عنهم، واستبعدت الأضرار المادية من مجال التعويض لأنها ترتبت على سبب آخر غير القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعين وهو سبب فرض الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم وأقام الحكم المطعون فيه المسئولية فى حق وزارة الداخلية التى كان فى وسعها أن تعرف الحقيقة فى شأن تاريخ وسبب مغادرة المدعى وأسرته لأرض الوطن - فإنه - أى الحكم المطعون فيه يكون قد جاء مصادفاً وجه الحق والتقدير السليم لقيمة التعويض، الأمر الذى يكون طعن المدعين وطعن الحكومة معه على الحكم سالف الذكر فى غير محلهما بما يوجب الحكم برفض الطعنين معاً لعدم قيامها على أساس سليم من القانون ومن حيث أنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وبإلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كلا من الطاعنين بمصروفات طعنه.

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين

* إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 3 من يناير سنة 1985 أودع الأستاذ ............... المحامى بصفته وكيلا عن السيد / .................... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة طعن قيدت بسجلاتها تحت رقم 451 لسنة 31 القضائية العليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 8 من نوفمبر سنة 1984 فى الدعوى رقم 533 لسنة 36 القضائية القاضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات . وطلب الطاعن الأسباب المبينة بعريضة الطعن قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الصادر فى الدعوى رقم 533 لسنة 36 القضائية ، وفى موضوع الدعوى بإلغاء القرار الإدارى السلبى بالامتناع عن منح الجنسية المصرية للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات . وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا . ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 16 من فبراير سنة 1987 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر حتى قررت بجلسة 7 من يولية سنة 1987 إحالته إلى محكمة الإدارية العليا ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات ) وحددت لنظره جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987 وبها نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم لجلسة اليوم 31 من أكتوبر سنة 1987 وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق .

* المحكمة 

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا .
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلا .
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل فى أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 30 من مارس سنة 1982 الدعوى رقم 533 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالبا الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن منحه الجنسية المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار مستندا فى دعواه إلى أنه ولد بالإسكندرية فى 5 من ديسمبر سنة 1925 لأب تونسى وأم مصرية يقيمان فى مصر منذ سنة 1886 تاريخ زواجهما ، وأنه وإن كان قد ولد مصريا إلا أنه تنازل عن الجنسية المصرية سنة 1969 وحصل على الجنسية التونسية . ثم تقدم بعد ذلك بطلب لوزارة الداخلية للحصول على الجنسية المصرية إلا أن طلبه لم يقبل رغم ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة ( 10 ) من القانون رقم 26 لسنة 1975 من أنه لا يجوز لمصرى أن يتجنس بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن بذلك من وزير الداخلية وإلا ظل مقيدا مصريا من جميع الوجوه وفى جميع الأحوال ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه طبقا لأحكام المادة ( 16 ) من القانون المشار إليه . ولما كانت الفقرة السادسة من المادة ( 4 ) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 تجيز لوزير الداخلية منح الجنسية المصرية لكل أجنبى جعل أقامته العادية فى مصر مدة عشر سنوات متتالية على الأقل سابقة على تقديم طلب التجنس متى توافرت فيه الشروط المنصوص عليها بالقانون فإنه يستمد حقه فى اكتساب الجنسية المصرية من القانون . كذلك فإنه ولئن كان حق الدولة فى منح الجنسية المصرية يخضع لسلطتها التقديرية إلا أنه لا يجوز إساءة استعمال هذا الحق . وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات . وأقامت تلك المحكمة قضائها على أساس أن المدعى ولد بالإسكندرية فى 5 من ديسمبر سنة 1925 وظل يعامل معاملة المصريين حتى تنازل عن الجنسية المصرية وحصل على الجنسية التونسية سنة 1969 ، وعلى ذلك فتكون الجنسية المصرية قد انحسرت عنه من هذا التاريخ وبغض النظر عما إذا كان اعتباره داخلا فى عداد المصريين قبل هذا التاريخ له سند من تشريعات الجنسية النافذة وقتذاك من عدمه . فإذا كان ذلك وكان الطلب المقدم منه فى ظل قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 للحصول على الجنسية المصرية يأخذ حكم الطلبات المقدمة من الأجانب فلا يكون له ميزة أو أفضلية تشفع له فى معاملة خاصة عند البت فى الطلب . ويستفاد من نص المادة ( 4 ) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 أن منح الجنسية المصرية للأجانب المقيمين فى مصر ولو توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها أمر جوازى للإدارة الأمر الذى يتفق وطبيعة الأشياء لتعلقه بحقوق السيادة لا فى مصر فحسب وانما فى كافة دول العالم فإضفاء الدولة جنسيتها على رعايا دول أجنبية مما تقدره جهة الإدارة بمقتضى سلطة تقديرية واسعة لا تملك معها المحكمة أن تحل نفسها محل الإدارة فيما هو متروك لتقديرها بوزن الطلبات بميزان الطلبات بميزان المصلحة العليا ، وإذ كانت الأوراق تخلو مما يكشف عن أن الإدارة أساءت استعمال سلطتها أو انحرفت بها عند رفض طلب المدعى فتكون دعواه غير قائمة على سند سليم من القانون .
ومن حيث أن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى تفسيره وتأويله : أولا : لأن تشريعات الجنسية المتعاقبة تواترت على إيراد حكم مؤداه عدم جواز تجنس المصرى بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن سابق بذلك ، وهو ما يردده حكم الفقرة الأولى من المادة ( 10 ) من القانون رقم 26 لسنة 1975 . فإذا كان الثابت أن الطاعن لم يؤذن له بالتجنس بجنسية أجنبية فيتعين اعتباره مصريا من جميع الوجوه ما لم يصدر قرار من مجلس الوزراء بإسقاط الجنسية عنه وهو ما لم يتحقق بالنسبة له . ولا يغير من ذلك احتمال تعدد الجنسية لشخص واحد . فضلا عن أنه ليس من المعقول أن يكون حاصلا على بطاقة عائلية مصرية وأولاده يتمتعون بالجنسية المصرية ويخدمون بالقوات المسلحة ثم تمتنع جهة الإدارة عن منحه الجنسية المصرية . وثانيا : أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ ساير الجهة الإدارية فيما أبدته من أن إجابته إلى طلب منحه الجنسية المصرية أمر جوازى لوزير الداخلية ذلك أنه طالما توافرت به جميع الشروط اللازم توافرها لاكتساب الجنسية المصرية فإن رفض الطلب يكون مشوبا بإساءة استعمال السلطة لأنه مصرى الجنسية . وأن طلب تنازله عن الجنسية المصرية واكتسابه الجنسية التونسية لا يسقط عنه الجنسية المصرية طالما لم يصدر قرار من وزير الداخلية بذلك . كما تقدم الطاعن بمذكرة بدفاعه بجلسة المرافعة أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 15/6/1987 تضمنت تأكيد أنه كان متمتعا بالجنسية المصرية قبل تجنسه بالجنسية التونسية : ودليل ذلك حصوله على بطاقة عائلية صادرة له طبقا لأحكام القانون رقم 260 لسنة 1960 فى شأن الأحوال المدنية المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1965 ، ومن قبلها كان حاصلا على بطاقة شخصية ، وعلى ذلك فلا يمكن اعتباره أجنبيا بأى وجه من الوجوه . فضلا عن أن شهادات ميلاد أولاده تقطع بأنهم مصريين ، كما يقطع بذلك قيامهم بالخدمة بالقوات المسلحة . وانتهى الطاعن إلى أنه طالما لم يصدر قرار من وزير الداخلية ولا من مجلس الوزراء بإسقاط الجنسية المصرية عنه فيعتبر مصريا . ويكون القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلبه الجنسية المصرية مشوبا بإساءة استعمال السلطة لأنه مصرى الجنسية من جميع الوجوه وبجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1987 تقدم الطاعن بمذكرة تضمنت ترديدا حرفيا لما تضمنته المذكرة السابقة .
ومن حيث أن الطاعن بين بعريضة الدعوى أنه ولد مصريا ثم تنازل عن جنسيته المصرية سنة 1969 وحصل على الجنسية التونسية مستطردا بأن المشرع لا يجيز للمصرى أن يتجنس بجنسية أخرى إلا بعد الحصول على إذن بذلك يصدر من وزير الداخلية وإلا ظل معتبر مصريا من جميع الوجوه وفى جميع الأحوال فلا تزول الجنسية المصرية إلا فى حالة التجنس المسبوق بالإذن ، كما استعرض بالعريضة أحقيته فى التجنس بالجنسية المصرية استنادا لحكم المادتين 4 ، 5 من القانون رقم 26 لسنة 1975 منتهيا إلى طلب الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن منحه الجنسية المصرية ، فيكون محل طلبه فى حقيقة الأمر أمرين : أولهما وأساسا الحكم باعتباره مصريا وثانيهما احتياطيا بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلب تجنسه بالجنسية المصرية. وعلى هذا الفهم لحقيقة الطلبات تضمنت مذكرة الجهة الإدارية الرد على الطلبين جميعا ، وهو ما أكده الطاعن بعريضة طعنه وبمذكرتيه المقدمتين لهيئة المحكمة أثناء تداول نظر الطعن أمامها . وقد تضمنت مذكرة مصلحة وثائق السفر والهجرة بالرد على الدعوى ( المرفقة ملف المصلحة رقم 23/46/775 ) والرد على ما أثاره بالنسبة للادعاء أنه مصرى الجنسية بالميلاد وانتهت إلى عدم صحة هذا الإدعاء تأسيسا على أنه إذا كان قد ولد بالإسكندرية سنة 1925 فإن جنسيته تبحث تبعا لجنسية والده . وهذا الأخير مقيد بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية فى 2/5/1929 باعتباره من التونسيين المقيمين بالإسكندرية حيث ولد بها سنة 1876 . فإذا كان ذلك وكانت تونس قد انفصلت عن الدولة العثمانية سنة 1882 فيتعين لكى تثبت له صفة العثمانى أن يكون قد أقام بمصر قبل هذا التاريخ وحافظ على الإقامة بها حتى 10 من مارس سنة 1929 . والمدعى لم يقدم أى مستندات منتجة فى إثبات إقامة والده بالبلاد فى التاريخ المشار إليه وبالنسبة لصورة القيد المستخرجة من القنصلية الفرنسية بالإسكندرية التى قدمها فإن هذه الجهة ليست الجهة الرسمية الموكول إليها أمر قيد المواعيد بالبلاد ، ولم يقدم المدعى شهادة ميلاد والده الرسمية حتى يتسنى الوقوف على تاريخ ومحل الميلاد على وجه اليقين ، بل أقر كتابة بأنه لا يستطيع تقديمها . كما تضمنت المذكرة الرد على الإدعاء بأن للمصرى أن يكتسب جنسية أخرى مع احتفاظه بالجنسية المصرية أو حقه فى العودة إليها ، أنه يتعين لإعمال حكم المادة ( 10 ) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 أن تكون الجنسية المصرية ثابتة ابتداء وفى واقعة المنازعة الماثلة فإن الجنسية المصرية غير ثابتة للمدعى ولا لوالده ، فلا يكون ثمة محل لما يدعيه من تنازل عن الجنسية المصرية . ثم ردت على الإدعاء بأحقيته فى الحصول على الجنسية المصرية وفقا لحكم المادتين 4 و 5 من قانون الجنسية فإن الأمر مرده إلى سلطة الإدارة التقديرية التى لا يحدها سوى الانحراف بها وهو ما لا دليل عليه .
ومن حيث أنه يبين من ملف المصلحة رقم 23/46/775 الخاص بالسيد / .......... ( الطاعن ) أنه بتاريخ 8/10/1974 وجه إنذارا رسميا إلى كل من السيدين / وزير الداخلية ومدير إدارة الجوازات والجنسية تضمن أنه من مواليد الإسكندرية سنة 1925 بشارع يوسف الحكيم قسم كرموز من أب يدعى .......... الذى ينحدر من أصل تونسى أى رعية عثمانية ( على ما أورد ) وأم مصرية تدعى .......... ، وأنه ووالده من قبله حافظا على الإقامة الدائمة بالقطر المصرى وأنه ( أى المنذر ) تزوج من سيدة مصرية رزق منها بأولاد يتمتعون بالجنسية المصرية ، ولما كان والده المولود بالقطر المصرى يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون رقم 19 لسنة 1929 باعتباره من الرعايا العثمانيين الذين يقيمون بالقطر المصرى وحافظوا على إقامتهم حتى تاريخ نشر القانون ، فإنه ( أى المنذر ) يعتبر مصريا أيضا لميلاده لأب مصرى بالتطبيق لحكم المادة ( 3 ) من القانون المشار إليه . وبمناسبة بحث الجهة الإدارية للموضوع استدعى الطاعن مع تكليفه بتقديم شهادة ميلاده وشهادة ميلاد أبيه وما يثبت إقامة الأب بالبلاد قبل أول يناير سنة 1900 واستمراره حتى سنة 1956 ( كتاب مدير عام المصلحة المؤرخ 14/11/1974 إلى السيد / مدير إدارة جوازات الإسكندرية ) وقدم الطاعن مستخرجا رسميا مؤرخا 10/5/1966 من شهادة تفيد ميلاده بتاريخ 5/12/1925 كما وافى الإدارة بعناوين الأقارب . وقرر أنه " نعرف سيادتكم بأننا لم نستطع الحصول على شهادة ميلاد لوالدى ولكن عندى شهادة من القنصلية الفرنسية موضح بها البيانات اللازمة كتاريخ الميلاد ومحل الميلاد . وثابت بالملف وجود شهادة رسمية صادرة بتاريخ 14/4/1967 من واقع دفاتر القنصلية الفرنسية بالإسكندرية بتاريخ 20/1/1885 تتضمن أن .......... ( الجد ) مولود بالإسكندرية سنة 1860 وأنه متزوج وأولاده هما ......... ( أب طالب ) و .......... المولدان بالإسكندرية الأول سنة 1876 والثانى سنة 1978 ، كما توجد شهادة رسمية صادرة فى 14/ 4/1967 من واقع دفاتر القنصلية الفرنسية بالإسكندرية تفيد تسجيل السيد / ........... المولود بالإسكندرية سنة 1876 ومقيم بشارع يوسف الحكيم رقم 46 بكرموز وأنه متزوج من سنة 1897 من السيدة / .......... وأولادهما جميعا مولودون بالإسكندرية ........... فى 18/6/1903 و .......... فى 8/8/1906 و .......... فى 23/3/1913 و .......... سنة 1914 و ........... فى 24/4/1919 و .......... 24/8/1923 و .......... ( الطاعن ) فى 5/12/1925 و .......... فى 6/1/1928 و .......... فى 20/1/1932 . وثابت بالشهادة أن القيد تم فى 2/5/1929 بناء على مستندات مؤيده هى خطاب محافظة الإسكندرية رقم 4582 فى 7/2/1929 والملف رقم 571 . وبكتاب مؤرخ 6/1/1975 أفاد قسم الجنسية أنه بمناقشة الطاعن اتضح أنه حاصل على إقامة خاصة صالحة حتى 13/4/1981 باعتباره تونسى الجنسية ملف 6974/1036 ، وأنه قرر بأنه لا يستطيع تقديم شهادة الميلاد الرسمية لوالده . كما ذكر أنه لا يستطيع تقديم مستندات إقامة والده بالبلاد من سنة 1900 حتى وفاته سنة 1932 فيكون والده قد أقام بالبلاد من سنة 1895 بوصفه تونسيا تحت حماية دولة فرنسا ولا ستفيد من الإقامة الطويلة لانتفاء الرعوية العثمانية وبكتاب مؤرخ 2/10/1979 أفاد السيد مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية السيد / مدير إدارة جوازات الإسكندرية بأن الطاعن لا يعتبر من الجنسية المصرية وتستمر معاملته بالجنسية التونسية الثابتة له . وبجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من وثيقة زواجه وصورة ضوئية من بطاقته العائلية وبطاقة انتخاب وبطاقة عضوية بالاتحاد الاشتراكى العربى وشهادات ميلاد أولاده وأيضا صورتين ضوئيتين لشهادة أداء الخدمة العسكرية لكل من ابنى الطاعن .......... و .......... 
ومن حيث أنه عن طلب الطاعن اعتباره مصريا بحكم القانون ، تأسيسا على ميلاده بالبلاد سنة 1925 لأب مصرى ولد بها على ما يدعى الطاعن من ميلاد أبيه بها سنة 1876 ، فان الطاعن وقد ولد بمصر سنة 1925 فكان قاصرا عند العمل بالمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الخاص بالجنسية المصرية فى 10 من مارس 1929 فانه يتعين بحث جنسيته أبيه . ومفاد حكم المادة ( 1 ) من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 المشار إليه ، وهو ذات الحكم الذى تضمنه حكم المادة ( 1 ) من كل من القانونين رقمى 160 لسنة 1950 بشان الجنسية المصرية ، 82 لسنة 1958 فى شان جنسية الجمهورية العربية المتحدة ، أن المصريين الاصلاء ينقسمون إلى طائفتين : الأولى العثمانيين ويعتبرون مصريين إذا توافرت فيهم شروط خاصة حددتها القوانين المشار إليها تتاليها وتتابعها فى المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 ، والفقرة الثانية من المادة ( 1 ) من القانون رقم 160 لسنة 1950 بأنهم رعايا الدولة العثمانية قبل نفاد معاهدة لوزان فى أغسطس سنة 1924 فيخرج من هؤلاء رعايا البلاد التى انفصلت عن الدولة العثمانية قبل ذلك التاريخ ، ومنها تونس التى انفصلت عن الدولة العثمانية اثر الاحتلال الفرنسى لها سنة 1881 وسقطت تبعا لذلك الرعوية العثمانية عن الرعايا التونسيين وتأكد ذلك توقيع اتفاقية فى 1881 و 1883 مع فرنسا وأقرت الحكومة المصرية هذا الوضع بالاتفاق الذى عقد مع فرنسا فى 16 من يوليو سنة 1888 بشان التونسيين وبموجبه اعترفت الحكومة المصرية بحماية فرنسا للتونسيين . وبذلك يعتبر التونسيون من الرعايا العثمانيين فى مدلول أحكام قوانين الجنسية المصرية . أما الطائفة الثانية فهى أهل البلاد الاصليون المتواطنون بها قبل أول يناير سنة 1848 ولم يكونوا من رعايا دولة أجنبية ،
ومن حيث أن الثابت أن جد الطاعن ............... تم قيده سنة 1885 بسجلات القنصلية الفرنسية بالإسكندرية باعتباره تونسيا ( أو قبل أول يناير سنة 1900 فى القانون 391 لسنة 1956 وقبل 5 نوفمبر 1914 فى القانون رقم 26 سنة 1975 بالحضر الذى أجرته القنصلية الفرنسية بالإسكندرية للتونسيين .
واثبت فى الحصر انه من مواليد الإسكندرية سنة 1860مع إيراد عبارة (par - tun ) هو ما يقطع بالأصل التونسى . وتضمن القيد ولديه ............ ( والد الطاعن ) و .............. وانهما من مواليد الإسكندرية الأول سنة 1876 والثانى سنة 1878 . وبمناسبة بحث جنسية الطاعن فقد تأشر على مذكرة البحث التى أعدها قسم الجنسية بتاريخ 29/1/1975 " بطلب " استيفاء الحالة للاستعلام من القنصلية التونسية عن تاريخ وأساس قيد والده بها حيث مرفق شهادة منها تفيد بها ........." والثابت أيضا انه قد تم قيد والد الطاعن بسجلات القنصلية الفرنسية بالإسكندرية بتاريخ 2/5/1929 وتضمن القيد انه من مواليد الإسكندرية سنة 1976 كما شمل القيد أولاده ومنهم الطاعن ( ............ ) مع بيان انهم جميعا من مواليد الإسكندرية فى السنوات من 1903 وحتى 1932 . كما قرر الطاعن بالطلب المقدم منه إلى السيد / مدير عام مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية انه حاصل على جواز سفر تونسى رقم 181973 صادر بتاريخ 4/2/1979 . ومع انتفاء الأصل العثمانى بثبوت الصفة التونسية فقد عجز الطاعن عن إثبات ميلاد والده بالبلاد و يعتد فى إثبات ذلك بما ورد بالقيود التى تمت بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية اعتبارا من سنة 1885 بعد حدوث واقعة الميلاد وتحديد مكانه ، وهى سنة 1876 بالإسكندرية بل وقبل إنشاء السجلات الخاصة بالتونسيين بتلك القنصلية بوقت طويل . فلم تتم بسند رسمى يقطع فى شانها ، فلا يتصور أن يكون القيد قد تم إلا بإملاء صاحب المصلحة فى ذلك . فإذا كانت الأوراق تخلو مما يفيد تمتع والد الطاعن إذن بالجنسية العثمانية بل وتقطع صفته الرعوية التونسية إذ تم قيده وأولاده ، ومنهم الطاعن بالقنصلية الفرنسية بالإسكندرية فى 2/5/1929 بعد العمل بإحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشان الجنسية المصرية ، والى قيد أولاده بتلك القنصلية حتى سنة 1932تاريخ ميلاد أخر أولاده حسبما يستفاد من شهادة القيد المشار إليها ، كما راعى استمرار الحفاظ على هذه الرعوية ، ومن بعدهما الجنسية التونسية حتى حصول الطاعن على جواز سفر تونسى صادر سنة 1969 ثم سنة 1979 . وإذ لم يقم دليل قطعى يقطع على ميلاد ابن الطاعن بالبلاد فان الطاعن لا يمكن أن يستفيد من حكم الفقرة ( 4 ) من المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 التى تنص على أن يعتبر مصريا من ولد فى القطر المصرى لأب اجنبى ولد هو أيضا فيه إذا كان هذا الأجنبى ينتمى بجنسيته لغالبية السكان فى بلد لغته العربية أو دينه الإسلام . بالإضافة إلى أن حكم هذه المادة لا يستفيد منه ، على ما ذهب إليه قضاء هذه المحكمة إلا من ولد بمصر فى النطاق الزمنى لتطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 أى فى الفترة من 10/3/1929 حتى 17/9/1950 ( الحكم الصادر بجلسة 30 من مارس سنة 1957 فى الطعن رقم 1652 لسنة 2 القضائية عليا ) . كذلك لا يستفيد الطاعن من حكم الفقرة الأولى من المادة ( 1 ) من القانون رقم 391 لسنة 1956 التى تنص على أن يعتبر مصريا " المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدولة الأجنبية " . بحسبان أن إقامة الأصول مكملة لاقامة الفروع متى توافرت لديهم نية التوطن ذلك أن شرط الإفادة من حكم هذه المادة هو بان يكون المتوطن من غير رعايا الدول الأجنبية . وهو ما يصدق على نص المادة فى القانون رقم 26 لسنة 1975 واخيرا فلا يغير من مركز الطاعن ما يثيره من أن حالته الظاهرة تعتبر دليلا كافيا على جنسيته المصرية ، ذلك أن الحالة الظاهرة ليست لها حجية قطعية فى إثبات الجنسية ، خاصة إذا توافرت الدلائل على انتفاء ثبوتها إذا كانت مظاهر هذه الحالة من استخراج الطاعن لبطاقة عائلية أو بطاقة انتخاب أو عضوية بالاتحاد الاشتراكى وواقعة تجنيد نجليه ، طالما لا تكن أحكام تشريعات الجنسية تعرف هذا المركز فى القانون الخاص بالجنسية المصرية . فإذا كان ذلك ولم يكن قد تحقق فى شان الطاعن انه قرر عند بلوغه سن الرشد وخلال سنة من هذا التاريخ ، تنازله عن جنسيته الأصلية واختياره الجنسية المصرية إعمالا لحكم المادة ( 7 ) من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 ، المشار إليه بفرض توافر شروطها فلا يكون ثمة أساس لما يطلبه من اعتباره مصريا بحكم القانون .
ومن حيث أن ما يبديه الطاعن من انه قد تقدم بطلب التجنس بالجنسية المصرية وان الإدارة اتخذت منه موقفا سلبيا ، فقد خلت الأوراق مما يفيد تقدمه بطلب التجنس فالطلبات المقدمة منه إنما تكشف عن انه يطلب اعتباره مصريا بحكم القانون ، فإذا كان ذلك فلا يكون ثمة موقف إيجابى أو سلبى يمكن نسبته إلى جهة الإدارة فى هذا الشان ، ولا يمكن القول بموقف سلبى أو ايجابى إلا إذا كان ثمة التزام قانونى يجبر الإدارة بمنحه الجنسية على سبيل التجنس وهو ما لا تعرفه قوانين الجنسية المصرية فالأمر بعد يرجع إلى سلطة التقدير التى تمارسها الدولة فى تحديد من تقبل منحه جنسيتها بذلك فان ما يطلبه الطاعن ما سماه إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلب تجنسه يكون غير قائم على أساس من الواقع يتعين الرفض .
ومن حيث انه تبين من جماع ما تقدم أن دعوى الطاعن من جميع أوجهها لا تكون قائمة على أساس من القانون فيتعين الحكم برفض طلب اعتباره مصريا وبرفض طلب إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن قبول طلب تجنسه بالجنسية المصرية وإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدعوى برمتها فيكون قد أصاب صحيح حكم القانون متعين رفض الطعن .
ومن حيث انه من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.

 بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة: محمد المهدى مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة المستشارين.

* إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 21 من أبريل سنة 1987، أودع الأستاذ …………… نيابة عن الأستاذ …………… المحامي بصفته وكيلا عن الطبيب …………… ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1840 لسنة 33 القضائية، ضد كل من السيد وزير الداخلية بصفته والسيد مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 24 من فبراير سنة 1987 في الدعوى رقم 3014 لسنة 39 القضائية المقامة من الطاعن على المطعون ضدهما، والقاضي بعدم قبول الطعن شكلا وبإلزام الطاعن بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبثبوت أحقيته في الجنسية المصرية طبقا للمادة الرابعة / خامسا من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية وبإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وعينت جلسة 20 من يونية سنة 1988 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1988 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 10 من ديسمبر سنة 1988، وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزومه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة 14 من يناير سنة 1989، حيث قررت مد اجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة. 
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في انه بتاريخ 11 من مارس سنة 1985 رفع الطاعن الدعوى رقم 3014 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري على المطعون ضدهما. وطلب الحكم بمنحه الجنسية المصرية طبقا للمادة الرابعة / خامسا من القانون رقم 26 لسنة 1975 وبإلغاء القرار الصادر من وزارة الداخلية برفض منحه هذه الجنسية وبإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذكر أن والدة المرحوم …………… ماليزي الجنسية تزوج من السيدة / …………… وهى مصرية الجنسية في 25 من سبتمبر سنة 1931 وأتم دراسته بجامعة الأزهر الشريف سنة 1936 وسافر إلى ماليزيا حيث انجبا الطاعن في 26 من يونية سنة 1947 وعادت به والدته سنة 1950 وظل في كنفها بالقاهرة نظرا لوفاة والده في ماليزيا سنة 1958، وقد تلقى تعليمه في مصر حتى تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة سنة 1972 وحصل على الماجستير في الجراحة سنة 1982 وتزوج من السيدة / …………… وهى مصرية الجنسية في 14 من يونية سنة 1980 وأنجبا …………… في 10 من مارس سنة 1982 و…………… في 21 من يونية سنة 1983 اللذين قيدا بسجلات الأحوال المدنية بالقاهرة، وقد أقام مع اسرته إقامة مستقرة طوال هذه المدة التي جاوزت ثلاثين سنة،وقدم طلبات عديدة إلى وزارة الداخلية للحصول على الجنسية المصرية دون استجابة منها،وقدم طلبا إلى السيد رئيس مجلس الوزراء في مايو سنة 1984 تلقى عنه ردا مؤرخا 8 من أغسطس سنة 1984 من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأن وزارة الداخلية أفادت بأنه لا يجوز منحه الجنسية المصرية لعدم توافر ركن الإقامة المتطلبة قانونا بالبلاد ومدتها عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم طلب منح الجنسية طبقا للقانون رقم 26 لسنة 1975، في حين إن الشروط الواردة في المادة الرابعة / رابعا وخامسا من هذا القانون متوافرة في حقه إذ أقام إقامة عادية في مصر منذ سنة 1950 ولم يغادرها إلا لفترات قصيرة لا تنقطع بها إقامته طبقا للمادة 40 من القانون المدني التي قضت بأن الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة وطبقا لما جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون واستقر عليه قضاء محكمة النقض من انه لا يقصد اتصال الإقامة دون انقطاع وإنما استمرارها على وجه يحقق شرط الاعتياد ولو تخللتها غيبة متقاربة أو متباعدة وهو الشأن أيضا في المادة 20 من لائحة المحاكم الشرعية، كما أنه احتفظ بموطنه الأصلي في مصر رغم عمله بالسعودية منذ أكتوبر سنة 1983، وبالتالي يكون قرار وزير الداخلية برفض طلبه قد شابه الخطأ في تأويل القانون والتعسف، مما يخوله اللجوء إلى القضاء بدعوى أصلية للحصول على حكم يثبت حقه في التجنس بالجنسية المصرية طبقا للمادة الرابعة / خامسا من القانون رقم 26 لسنة 1975. وطلبت مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية الحكم برفض الدعوى وبإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة أولا لأن التجنس ليس حقا للشخص متي توافرت شروطه وإنما يخضع للتقدير المطلق من جانب الدولة حسب سياستها في العناية بالكم أو بالكيف وقد اقتضت الظروف الاقتصادية والاجتماعية وقف منح الجنسية المصرية للأجانب وكذا تشجيع المواطنين على الهجرة، وثانيا لأن المادة الرابعة / خامسا من القانون رقم 26 لسنة 1975 أجازت بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية لكل أجنبي جعل اقامته العادية في مصر مدة عشر سنوات متتالية على الأقل على تقديم طلب التجنس وبذا جعلت الامر جوازيا لوزير الداخلية وتطلبت الإقامة العادية هذه المدة المتتالية غير المتقطعة كما أن المادة الثامنة من قرار وزير الداخلية رقم 180 لسنة 1964 الصادر طبقا للقانون رقم 89 لسنة 1960 بشأن دخول وإقامة وخروج الأجانب، أجاز للأجنبي من ذوى الإقامة المؤقتة الذي يرغب في السفر بنية العودة الحصول على تأشيرة بالعودة لسفرية واحدة أو اكثر وذلك لمدة لا تجاوز ستة اشهر وهو ما يعنى انه إذا غادر البلاد دون الحصول على هذه التأشيرة تجرد سفرة من نية العودة وانقطعت اقامته بالبلاد فإذا عاد بدأت مدة إقامة جديدة منبتة الصلة بإقامته السابقة وهو ما ينطبق على الطاعن إذ غادر البلاد في 31 من مايو سنة 1983 دون الحصول على تأشيرة بالعودة وتجاوز مدة اقامته الصالحة حتى 31 من أكتوبر سنة 1983 بعودته في 25 من يناير سنة 1985 وبذا سقطت اقامته المؤقتة وحصل على إقامة سياحية من جوازات المطار لمدة شهر شأن أي أجنبي قادم للسياحة وغادر البلاد إلى السعودية في 8 من مارس سنة 1985 ولم يستدل على عودته وبالتالي لا تتوافر له الإقامة المطلوبة كشرط للتجنس وهى إقامة يختلف في مفهومها في كل من القانون رقم 89 لسنة 1960 وقرار وزير الداخلية رقم 180 لسنة 1964 والقانون رقم 26 لسنة 1975 في صدد معالجة الجنسية والإقامة بالنسبة لفئات معينة عن مفهومها في القانون المدني ولائحة ترتيب المحاكم الشرعية في صدد تنظيم المعاملات بالنسبة للكافة والقاعدة أنه عند تعارض قانون خاص يلزم تطبيق القانون الخاص، وثالثا لأنه بفرض توافر شروط التجنس في حقه فانه لا تثريب على وزارة الداخلية إن لم تستجب إلى طلبه بمقتضى سلطتها التقديرية التي خلت من التعسف بناء على سياسة الدولة في وقف منح الجنسية المصرية للأجانب، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم أولا بقبول الدعوى بالنسبة لطلب الطاعن ثبوت تمتعه بالجنسية المصرية وفي الموضوع بثبوت هذه الجنسية له إذا توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الرابعة / خامسا من القانون رقم 26 لسنة 1975 مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وثانيا اصليا باستبعاد طلب الطاعن إلغاء قرار وزارة الداخلية برفض منحه الجنسية المصرية وذلك لعدم أداء رسوم عنه واحتياطيا بعدم قبول هذا الطلب شكلا لرفعة بعد الميعاد. وقدم الطاعن مذكرة في 20 من يناير سنة 1987 جاء فيها أن طلبه الحكم بثبوت أحقيته في الحصول على الجنسية المصرية، يمثل دعوى أصلية بطلب ثبوت الجنسية المصرية له، ويلحق به ويكمله طلبه إلغاء قرار وزارة الداخلية برفض منحه الجنسية المصرية، فلا يعتبر الطلب الأخير طلبا مستقلا يستحق عنه رسوم جديد لأنه يترتب على الحكم بثبوت الجنسية إلغاء القرارات الصادرة بعدم الأحقية فيها. وقضت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في جلسة 24 من فبراير سنة 1987 بعدم قبول الدعوى شكلا وبإلزام الطاعن بالمصروفات، وبنت قضاءها على أن الدعوى في حقيقتها ليست دعوى أصلية بثبوت الجنسية المستمدة من حكم القانون مباشرة وإنما هي دعوى بإلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية برفض طلب الطاعن التجنس بالجنسية المصرية طبقا للمادة الرابعة /خامسا من القانون رقم 26 لسنة 1975 مما يوجب بشأنها مراعاة المواعيد المقررة لدعوى الإلغاء وقد اقر الطاعن في عريضة الدعوى بأن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ردت عليه بخطاب مؤرخ 8 من أغسطس سنة 1984 مصدر في 12 من أغسطس سنة 1984 ومتضمن رفض طلبة الجنسية غير أنه لم يرفع الدعوى إلا في 11 من مارس سنة 1985 أي بعد اكثر من ستين يوما على علمه بهذا القرار.
ومن حيث أن الطعن قام على أن الطاعن كيف دعواه منذ البداية بأنها دعوى أصلية بالجنسية ولا يجوز للمحكمة الانحراف عن هذا التكييف واعتبارها دعوى إلغاء لقرار وزارة الداخلية برفض طلبه، كما أنه تمسك بهذا التكييف في المذكرة التي رفقها في الدعوى.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة استقر على إن المنازعة المتعلقة بالجنسية أما أن تثار في صورة مسألة أولية أثناء نظر دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على البت في مسألة الجنسية، وإما أن تتخذ صورة دعوى أصلية مجردة بالجنسية حيث يكون الطلب الأصلي فيها هو الاعتراف بتمتع فرد بالجنسية مثل طلب ثبوت الجنسية المصرية على سند من إحدى المواد الأولى والثانية والثالثة في القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية حيث تم تحديد المصريين بحكم القانون، وإما أن تطرح في صورة طعن بإلغاء في قرار إداري نهائي صادر بشأن الجنسية سواء كان من القرارات السلبية أو الصريحة الصادرة عن الجهة الإدارية بالتطبيق لقانون الجنسية مثل القرار الصادر من وزير الداخلية برفض طلب التجنس طبقا للمادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، فقد نصت هذه المادة على أنه "يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية: (أولا) …………… (ثانيا) …………… (ثالثا) …………… (رابعا) …………… (خامسا) لكل أجنبي جعل اقامته العادية في مصر مدة عشر سنوات متتالية على الأقل سابقة على تقديم طلب التجنس متى كان بالغا سن الرشد وتوافرت فيه الشروط المبينة في البند (رابعا) " . ويؤخذ منها أنها لم تسبغ الجنسية المصرية بحكم القانون على من تتوافر فيه الشروط التي تتطلبها في التجنس كسبب للجنسية المكتسبة فلا يستمد حقه في الجنسية من القانون مباشرة بمجرد اجتماع هذه الشروط لديه ولا تعتبر منازعته بشأنها دعوى أصلية مجردة بالجنسية تتحرر من الإجراءات والمواعيد الخاصة بدعوى الإلغاء، إذ جاءت صريحة في أن منح الجنسية المصرية عن طريق التجنس طبقا لما هو أمر جوازي لوزير الداخلية مما يخوله سلطة تقديرية في منحها إذا توافرت شروطها وفي منعها رغم توافر هذه الشروط وفقا لما يراه محققا للمصلحة العامة، وهى في هذه الإجازة تعد امتدادا لما درج عليه المشرع المصري في إفساح كامل التقدير لجهة الإدارة في مجال التجنس رغبة منه في الحفاظ على تشكيل المواطنين في الدولة بتمييز المنضمين إليها حسب سياستها المرسومة، وبذا تكتسب الجنسية المصرية عن طريق التجنس طبقا لأحد بنود المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1975 بالقرار الصادر من وزير الداخلية بمنحها ويكون القرار الصادر منه برفض منحها قرارا إداريا بالمعنى القانوني وتعتبر المنازعة بشأنه من دعاوى الإلغاء فتخضع للإجراءات والمواعيد المقررة في هذا الشأن، ومن ثم لا محل للاعتصام في هده الحالة بحق في اكتساب الجنسية المصرية عن طريق التجنس لمجرد توافر شروطه توصلا إلى تكييف المنازعة بأنها دعوى أصلية بالجنسية حتى تفلت من الشرط اللازم لقبولها شكلا بوصفها دعوى إلغاء، وإنما يتعين بسط التكييف السديد على هذه المنازعة بأنها طعن بالإلغاء في القرار الصادر برفض طلب التجنس بما يترتب عليه من خضوعها لذلك الشرط اللازم لقبولها شكلا، لأن المحكمة تستقل بتكييف طلبات الخصوم على أساس من صادق معانيها وحقيق مراقبها دون الوقوف عند ظاهر العبارات التي أفرغت فيها أو التقيد بالأوصاف التي خلعت عليها.
ومن حيث أنه ولئن كان الطاعن قد أشار في عريضة دعواه إلى حقه في رفع دعوى أصلية بالجنسية المصرية وانتهى في ذات العريضة إلى طلبات صدرها بطلب الجنسية المصرية ثم أوضح في المذكرة التي قدمها بتاريخ 20 من يناير سنة 1987 أن طلبه الحكم بثبوت أحقيته في الجنسية المصرية يمثل دعوى أصلية بهذه الجنسية وهو عين ما ردده في تقرير الطعن رغبة منه في تكييف الدعوى بأنها دعوى أصلية بالجنسية حتى لا تخضع للإجراءات والمواعيد الخاصة بدعوى الإلغاء، إلا انه سرد في عريضة الدعوى ما يعنى قصده إلى انه أجنبي طلب التجنس على أساس من توافر شروطه طبقا للبند خامسا من المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1975 ورفضت وزارة الداخلية طلبه بحجة تخلف أحد هذه الشروط في حقه وهو الشرط الخاص بالإقامة عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم طلب التجنس، ثم استند في طلباته إلى البند خامسا من المادة الرابعة من القانون رقم 26 لسنة 1975 وهى المادة الخاصة بالتجنس بمقتضى قرار يصدر من وزير الداخلية، كما المح إلى طلبه إلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية برفض منحة الجنسية، وكل هذه الأمور تقطع بأن التكييف السليم لدعواه هو أنها طعن بالإلغاء في هذا القرار على نحو ما ذهب إليه بحق الحكم المطعون فيه، ولما كان الثابت من الأوراق أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وجهت إلى الطاعن الكتاب المؤرخ 8 من أغسطس سنة 1984 والصادر برقم 14991 في 12 من أغسطس سنة 1984 برفض وزارة الداخلية طلبه الجنسية المصرية، وقد أقر الطاعن في عريضة دعواه بأنه تلقى هذا الكتاب دون أن يماري في تاريخ وصوله إليه مما يعني علمه علما يقينا شاملا بالقرار المطعون فيه على نحو كان يحتم عليه رفع دعوى بالطعن على هذا القرار بالإلغاء خلال ستين يوما من تاريخ هذا العلم اليقيني الشامل، إلا انه أقامها في 11 من مارس سنة 1985 أي بعد انقضاء الميعاد القانوني، فمن ثم تكون دعواه غير مقبولة شكلا وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، وبالتالي فانه لا شبهة في هذا الحكم ولا صحة للطعن عليه سواء فيما تضمنه من تكييف للدعوى أو فيما انتهى إليه من عدم قبولها لرفعها بعد الميعاد مما يوجب القضاء برفض الطعن، وان كان من نافلة القول الإلماح إلى أن هذا لا يوصد السبيل أمام الطاعن في معاودة طلب التجنس وتدبر أمره على هذه ذلك وفقا للقانون.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.



مع تحياتى ...... سيد الغريانى .......المحامى بالنقض ..... موبايل 01222892139

ليست هناك تعليقات: